الفصل السادس
إخواني: انتبهوا من غفلتكم، فنوم الغفلة ثقيل، وشمّروا لآخرتكم، فإنما الدنيا منزل، وفي طريقها مقيل.
جاء في بعض الأخبار، أن الله تعالى أوحى إلى بعض أنبيائه ﵈: يا نبيي، شتان بين من عصاني وخالف أمري، وبين من قطع عمره في معاملتي وذكري ولزوم الوقوف ببابي، ومرّغ خده على أعتابي، فيا خجلة الخاطئين، ويا ندامة البطالين.
وأنشدوا:
اخلوا بنفسك إن أردت تقرّبا ... ودع الأنام بمعزل يا عاني
واعمل على قطع العلائق جملة ... في العيش في خرق الحجاب الفاني
وفي الخبر أن النبي ﷺ قال ذات يوم لأصحابه: "يا أصحابي، أتدرون من المفلس؟ " قالوا: يا رسول الله، المفلس عندنا من ليس له دينار ولا درهم. فقال لهم: "ليس هو ذلك، إنما المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة وصدقة، ثم يأتي وقد شتم هذا، ولطم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، فيعطى هذا من حسناته، وهذا كذلك، حتى تفنى حسناته قبل أن يؤدي ما عليه، فتؤخذ خطاياهم، فتحمل على خطاياه، ويقذف به في النار، فهذا هو المفلس". نعوذ بالله من الحرمان.
قال بعض الصالحين ﵃: أتيت إبراهيم بن أدهم لأزوره، فطلبته في المسجد، فلم أجده، فقيل لي: انه خرج الآن من المسجد، فخرجت في طلبه، فوجدته في بطن واد نائما في زمان الحر، وحيّة عظيمة عند رأسه، وفي فم الحيّة غصن من الياسمين، وهي تشرّد عنه الذباب، فبقيت متعجبا من ذلك، وإذا بالحية
1 / 33