ولنرجع إلى المترجم ( سيف ) فنقول أنه عاد إلى أسوان وأخذ في التفتيش | عن الفحم الحجري فعثر على بئر غاز أرشده إليها العرب القاطنون بين القصير | وأسوان وكتب عنها تقريرا مبينا فيه فوائد استعمال الغاز في الإستصباح بدل | الشمع والزيت وأنه أيسر من غيره ثمنا ولو التزمت الحكومة استخراجه لعاد | إليها منه ربح عظيم ، فلما وصل إلى أسوان لم يجد البيك الذي كان معينا | لمصاحبته فإنه رجع إلى مصر لمقابلة إبراهيم باشا غير مفكر فيما عين لأجله | وكذلك لم يجد في البلدة أحد من الأعيان فلما رأى أن الكل هرعوا إلى العاصمة | | رجع هو أيضا ليقابل من اشتهر صيته في الآفاق مؤملا أنه ربما يجد عند وظيفة أو مأمورية يظهر فيها معارفه العسكرية والحربية . |
رجوع سيف إلى القاهرة والإبتداء في تنظيم الجيش :
لما عاد المترجم إلى العاصمة قابله محمد علي باشا بالبشاشة والترحاب ولم | يسأله عن مأموريته ولا عن نتيجتها بل قدمه إلى ولده إبراهيم باشا وقال له أنه | ضابط من جيش فرنسا ويمكنه أن يثق به في سائر أعماله ويستعين بمعارفه في | جميع مشروعاته ، فأنزله إبراهيم باشا من الإكرام والإعتبار منزلا رحيبا ، وأسره | بما كان في عزمه وعزم والده من تشكيل جيش جديد مدرب على الحركات | العسكرية والأمور القانونية على وفق الطراز الأوربي ، ليمكنه باستخدامه من | إتمام ما يقصده من الغزوات والفتوحات وأن ذلك هو غاية مرغوبه ولولا | معارضة العساكر الباشبوزق له والأرنؤد لما كان فيهم من القوة لحصل ذلك | المشروع ، ولكن الآن وقد ضعفت شوكتهم وقل عددهم فيمكنه تتميم هذا المشروع الجليل الفائدة الكثير العائدة بعجزهم اليوم عن المعارضة في ذلك ، لا | سيما مع وجود الجيش المنصور في العاصمة بعد ما اشتهر به من الأعمال في | بلاد العرب ، ثم شرعا في تدبير وسن ما يلزم لذلك من القوانين والتنظيمات | وبعد أن أتم كل ما يلزم ابتدأ في تنفيذ هذا المشروع وعين سيف بوظيفة ضابط | ( أغا ) معلم للجيش .
Page 95