126

Les merveilles des bienfaits

بدائع الفوائد

Maison d'édition

دار الكتاب العربي

Numéro d'édition

الأولى

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Hadith
ثم قال: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾ أي من تلك الأمم أمم حقت عليهم الضلالة ولو قال: بدل ذلك ضلت لتعينت التاء ومعنى الكلامين واحد وإذا كان معنى الكلامين واحدا كان إثبات التاء أحسن من تركها لأنها ثابتة فيما هو في معنى الكلام الآخر وأما: ﴿فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ﴾ فالفريق مذكر ولو قال: فريقا ضلوا لكان بغير تاء وقولهم: ﴿حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ﴾ في معناه فجاء بغير تاء وهذا أسلوب لطيف من أساليب العربية تدع العرب حكم اللفظ الواجب له في قياس لغتها إذا كان في معنى كلمة لا يجب لها ذلك الحكم تراهم يقولون هو أحسن الفتيان وأجمله لأنه في معنى هو أحسن فتى وأجمله ونظيره تصحيحهم حول وعور لأنه في معنى أحول وأعور ونظائره كثيرة جدا فإذا حسن الحمل على المعنى فيما كان القياس لا يجوزه فما ظنك به حيث يجوزه القياس والإستعمال وأحسن من هذا أن يقول إنهم أرادوا أحسن شيء وأجمله فجعلوا مكان شيء قولهم الفتيان تنبيها على أنه أحسن شيء من هذا الجنس فلو اقتصروا على ذكر شيء لم يدل على الجنس المفضل عليه ومن هذا قوله ﷺ: "أحناه على ولد في صغره وأرعاه في ذات يده " رواه البخاري ومسلم وأحمد فهذا يدل على أن التقدير هناك أحسن شيء وأجمله لأنه أحسن فتى إذ لو كان التقدير أحسن فتى لكان نظيره هنا أحنى امرأة على ولد وكان يقال أحناها وأرعاها فلما عدل إلى التذكير دل على أنهم أرادوا أحسن شيء من هذا الجنس وأرعاه فائدة بديعة: قولك ضرب القوم بعضهم بعضا هذه المسألة مما لم يدخل تحت ضبط النحاة ما يجب تقديمه من الفاعلين فإن كلاهما ظاهر إعرابه وتقديم الفاعل متعين وسر ذلك وهو الضمير المحذوف فإن الأصل أن يقال: ضرب القوم بعضهم لأن حق البعض أن يضاف إلى الكل ظاهرا أو مقدرا فلما حذفوه من المفعول استغناء بذكره في الفاعل لم يجوزوا تأخير الفاعل فيقولوا: ضرب بعضا بعضهم لأن اهتمامهم بالفاعل قد

1 / 127