Les merveilles des bienfaits
بدائع الفوائد
Maison d'édition
دار الكتاب العربي
Numéro d'édition
الأولى
Lieu d'édition
بيروت
Genres
Hadith
لأن اللام للعهد وكان الاسم قد تقدم ذكره فأشبهت حال الفعل حاله إذا كان فيه ضمير يعود إلى مذكور من أجل الألف واللام فإنها ترد إلى معهود معنى الصيحة في القرآن الكريم فإذا قلت: فإذا استوى ذكر التاء وتركها في الفعل المتقدم وفاعله مؤنث غير حقيقي فما الحكمة في اختصاصها في قصة شعيب بالفعل وحذفها في قصة صالح وأخذ الذين ظلموا الصيحة قلت الصيحة في قصة صالح في معنى العذاب والخزي إذ كانت منتظمة بقوله سبحانه: ﴿وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾ فصارت الصيحة عبارة عن ذلك الخزي وعن العذاب المذكور في الآية فقوي التذكير بخلاف قصة شعيب فإنه لم يذكر فيها ذلك هذا جواب السهيلي وعندي فيه جواب أحسن من هذا إن شاء الله وهو: أن الصيحة يراد بها المصدر بمعنى الصياح فيحسن فيها التذكير ويراد بها الواحدة من المصدر فيكون التأنيث أحسن وقد أخبر تعالى عن العذاب الذي أصاب به قوم شعيب بثلاثة أمور كلها مؤنثة اللفظ أحدها: الرجفة في قوله في الأعراف: ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ﴾ الثاني: الظلة بقوله: ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ﴾ الثالث: الصيحة: ﴿وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ﴾ وجمع لهم بين الثلاثة فإن الرجفة بدأت بهم فأصحروا إلى الفضاء خوفا من سقوط الأبنية عليهم فصهرتهم الشمس بحرها ورفعت لهم الظلة فأهرعوا إليها يستظلون بها من الشمس فنزل عليهم منها العذاب وفيه الصيحة فكان ذكر الصيحة مع الرجفة والظلة أحسن من ذكر الصياح وكان ذكر التاء والله أعلم فإن قيل: فلم قلتم إن التاء حرف ولم تجعلوها بمنزلة الواو والألف في قاما وقاموا قيل: لإجماع العرب على قولهم الهندان قامتا بالتاء والضمير ولا يجوز أن يكون للفعل ضميران فاعلان فإن قيل: فما الفرق بين قوله: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾ وبين قوله: ﴿فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ﴾ قيل: الفرق من وجهين لفظي ومعنوي أما اللفظي فهو أن الحروف الحواجز بين الفعل والفاعل في قوله: ﴿حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ﴾ أكثر منها في قوله: ﴿حَقَّتْ عَلَيْهِ﴾ وقد تقدم أن الحذف مع كثرة الحواجز أحسن وأما المعنوي فإن من في قوله: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ﴾ واقعة على الأمة والجماعة وهي مؤنثة لفظا ألا تراه يقول: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا﴾
1 / 126