Mes papiers... Ma vie (Première partie)
أوراقي … حياتي (الجزء الأول)
Genres
عش في القرى رأسا
ولا تعش مع الأذناب مدنا
وكنت أسأل أبي: مين هم الأذناب يا بابا؟ ويرد أبي: الأذناب هم النزرا والوزرا يا بنتي، وأعود أسأله: الوزرا يعني إيه يا بابا؟
ويقول أبي: «الوزرا يعني الوزر، والوزر يعني الذنب، والجمع ذنوب»، ويضحك أبي طويلا، ثم يشرح لي الفرق بين الذنب والذنب، يعني الذيل والجمع ذيول أو أذناب ...
لم تكن منوف قرية مثل كفر طحلة، لم يكن لها عمدة، «المأمور» أكبر رأس في البلد، مركز البوليس، الجامع، الكنيسة، المدرسة، المحكمة، مكتب الصحة، محطة القطار، صهاريج المياه، حارة اليهود، والصاغة، أجزاخانة «يني»، مقهى «جرامينو»، بقالة زخاري، خمارة مخالي، مقلة الفول السوداني واللب، دكانة ألف صنف وصنف.
بيتنا في الدور الأول، يطل على الحقول الواسعة الممدودة حتى القبور.
لم أكن أرى القبور من الشرفة الخارجية، تسميها أمي «الفرندة»، القبور مختبئة وراء المزارع، بعد أن يقطع الفلاحون أعواد الذرة تظهر القبور من بعيد، رءوس العفاريت البيضاء متربصة وراء السحب.
صاحب البيت اسمه الحاج محمود، لم يكمل بناء الدور الثاني حيث يسكن هو وزوجته «أم محمد»، وأولاده الأحد عشر، ستة من الصبيان وخمس بنات، يرقدون في غرف بلا نوافذ ولا أبواب، في الشتاء يتكومون في غرفة واحدة على الأرض التراب، يسدون الباب والنافذة بالجلاليب القديمة، يدقونها بالمسامير في الجدران.
الحاج محمود تاجر أقمشة بدون دكان، يتجول في الأسواق فوق حمارته العجوز.
جسمها نحيف ضامر، منحولة الوبر، عظامها بارزة تحت الجلد، تعلوه آثار جروح لم تلتئم، علامات حمراء على شكل كرابيج، فوق ظهرها هرم من الأقمشة الملفوفة أسطوانات طويلة، من فوقها يتربع الحاج محمود مدليا بساقيه، يلكزها بركبتيه البارزتين كالخشب، يشدها من الحبل في عنقها، يلسعها على ظهرها بالعصا الخيزران، يسعل، يبصق، يتمخط على الأرض. «شدي حيلك يا عزيزة.
Page inconnue