وجاء زقلط تلبية لدعوة الناظر. كان متوسط القامة، بدينا، متين البنيان، وبقسماته سماجة وغلظة، وبرقبته وذقنه ندوب. جلسوا متقاربين وزقلط يقول: سمعت أخبارا لا تسر.
فقالت هدى بغيظ: ما أسرع ما تجري أخبار السوء!
وقال الأفندي وهو يلحظ زقلط بمكر: إنها تمس هيبتنا كما تمس هيبتك.
فقال زقلط بصوت كالخوار: مضى زمن غير قصير دون أن نحرك نبوتا أو نسفك دما.
فابتسمت هدى قائلة: يا لهم من مغرورين آل حمدان! لم يظهر منهم فتوة واحد، ومع ذلك فأحقرهم يزعم أنه سيد الحارة.
فقال زقلط باشمئزاز: باعة ومتسولون، ولن يظهر فتوة من قوم خرعين!
فتساءل الأفندي: والعمل يا زقلط؟ - سأدوسهم بقدمي كالصراصير.
سمع جبل قول زقلط وهو يدخل البهو. بدا مورد الوجه بعد جولته في الخلاء، وجرت حيوية الشباب في جسمه الفارع القوي، ووجهه ذي الملامح الصريحة وبخاصة أنفه المستقيم وعيناه الكبيرتان الذكيتان. حيا الموجودين بأدب وبدأ يتكلم عن الأحكار التي تم تأجيرها اليوم، ولكن هدى هانم قاطعته قائلة: اجلس يا جبل، نحن في انتظارك لأمر عظيم.
فجلس جبل وعيناه تعكسان نظرة تحرج لم تغب عن عيني الهانم فقالت : أرى أنك تحدس ما نحن مهتمون له.
فقال بصوت هادئ: الجميع يتحدثون في الخارج.
Page inconnue