وجاء صوت هند من الداخل وهي تقول: أبي، لا نريد فضائح!
فأجابها مداعبا: اهتمي بشأنك أنت، ودعيني لسلالة الجواري!
فقال همام: نحن لا نتعرض لك فلا تتعرض لنا. - آه، صوت أدهم، كان ينبغي أن تكون بين الأغنام لا وراءها.
فقال همام محتدا: أمرنا أبي بألا نجيب على تحرشك بنا.
فقهقه إدريس عاليا وقال: جزاه الله كل خير، لولا أمره هذا لكنت من الهالكين! (ثم بلهجة خشنة) ... إنكما تعيشان عزيزين بفضل اسمي، لعنة الله عليكم جميعا، غورا من وجهي.
وواصلا سيرهما وهما يلوحان من حين إلى حين بعصويهما، ولبث همام ممتقع اللون من الانفعال فقال لقدري: هذا الرجل مقيت، ما أقذره! حتى في الساعة المبكرة تنفث أنفاسه رائحة الخمر.
فقال قدري وهما يوغلان وراء الأغنام في الخلاء: إنه يتكلم كثيرا، ولكنه لم يمد لنا يدا بأذى.
فقال همام محتجا: بل استولى أكثر من مرة على بعض أغنامنا. - إنه سكير، وهو للأسف عمنا، لا مهرب من الإقرار بذلك.
وساد الصمت قليلا وهما يتجهان نحو الصخرة الكبيرة، وفي السماء سحب متفرقة، والشمس ترسل أشعتها فتغمر الرمال المترامية. وضاق همام بكتمان ما يود قوله فقال: ستخطئ خطأ كبيرا إذا وصلت أسبابك بأسبابه.
فاشتعلت عينا قدري بنظرة غاضبة وهتف: لا تحاول نصحي، حسبي أبوك.
Page inconnue