وثابر أدهم على صمته فعاد الآخر يقول: أم لعلك تريد رزقا بلا عمل دون أن يضار به أحد؟!
وضحك ضحكة كريهة وقال: هذه فزورة يا ابن الجارية!
وصاحت أميمة بغضب: عد إلى كوخك واخز الشيطان.
ونادته امرأته بحدة، فرجع من حيث أتى وهو يترنم: «عجايب والله عجايب».
وتوسلت أميمة إلى زوجها قائلة: تجنب الاشتباك معه بأي ثمن. - إني أجده فجأة فوق رأسي دون أن أدري كيف جاء.
وساد صمت اتخذا منه مسكنا لانفعالهما. وعادت أميمة تقول برقة: قلبي يحدثني بأنني سأجعل من كوخنا بيتا شبيها بالبيت الذي طردنا منه، لن تنقصه الحديقة ولا البلابل، وسيلقى وليدنا فيه كل راحة ومتعة.
فوقف أدهم وهو يبتسم ابتسامة لم ترها في الظلام، وقال ساخرا وهو ينفض التراب عن جلبابه: الخيار القشطة .. الخيار السكر! والعرق يتصبب من جسدي والغلمان يتسلون بمعاكستي، والأرض تأكل قدمي، في سبيل ملاليم!
ودخل الكوخ فتبعته وهي تقول: لكن سيأتي يوم المرح والغناء. - لو كنت تشقين ما وجدت وقتا للأحلام.
ورقد كل منهما على خيشة محشوة بالقش، وهي تقول: أليس الله بقادر على أن يجعل من كوخنا بيتا كالبيت الكبير الذي طردنا منه؟
فقال أدهم وهو يتثاءب: أمنيتي أن أعود إلى البيت الكبير.
Page inconnue