(والتعقيد) وهو كون الكلام مغلقا يعسر تحصيل معناه (قابلا للاختصار) لما فيه من التطويل، والفرق بين الاختصار والإيضاح والتجريد يجعل الاختصار مقبولا، والآخرين محتاجا إليهما- غير ظاهر، ولو أريد بالتطويل جعل الكلام مطولا من غير اشتمال على الحشو مع أداء إمكان؛ إذ المقصود بأقصر منه واضح، فلم يكن فيه مؤاخذة إلا بترك الأولى يكون لتخصيص الافتقار بالإيضاح والتجريد وجه (مفتقرا إلى الإيضاح) الألطف إلى التلخيص (والتجريد) لما فيه من الحشو آخره مع تعلقه بأول ما ذكر للمحافظة على السجع (ألفت مختصرا) جواب لما والمتسبب عن الشرط المذكور تأليف كتاب في المعاني والبيان والبديع يتضمن ما فيه، خاليا عن عيوبه، إذ كمال هذه العلوم، يقتضي تأليف كتاب فيها، وكمال المفتاح، واشتماله على عيوبه تقتضي تضمين ذلك الكتاب ما فيه خاليا عن العيوب، فلذا قال: (ألفت مختصرا)، ولم يقل: اختصرته، والقول بأن اختصرته أخصر منه وهم؛ لأنه لو قال اختصرته لوجب أن يقول اختصرته بحيث # (يتضمن ما فيه من القواعد) ولا يخفى أن من تتمة داعي تأليف مختصر بكذا أنه كان عنده فوائد يختص به لم يسبقه هنا أحد، فكان الأنسب أن يضمه إلى ما ذكر في الشرط بأن يقول لما كان علم البلاغة وتوابعها كذا وكذا، وكان المفتاح كذا وكذا، واجتمع عندي فوائد كذا وكذا ألفت مختصرا يتضمن ما فيه إلى آخر ما ذكره. والقاعدة قضية كلية تشتمل على أحكام جزئيات موضوعة بالقوة القريبة من الفعل، بحيث لو ضمت مع صغرى سهلة الحصول أفادت حكم جزء منها سميت قاعدة لأنها أساس معرفة أحوال الجزئيات، وكثيرا ما يتسامح فيعرف بحكم كلي ...
إلخ؛ تعبيرا للقضية بأشرف أجزائها، ولا يخفى أن قوله يتضمن كقوله: (ويشتمل على ما يحتاج إليه من الأمثلة والشواهد) يدل على أن صيغ الماضي مستعارة للمعنى الاستقبالي تفاؤلا (¬1)، والشاهد جزء لموضوع القاعدة يصلح لأن يذكر لإثبات القاعدة، والمثال جزء له يصلح لأن يذكر لإيضاح القاعدة، وهذا هو المراد بقولهم المثال جزئي يذكر لإيضاح القاعدة، والشاهد جزئي يستشهد بها في إثبات القاعدة، ولذا قيل الشاهد أخص، والظاهر أن الشاهد كالمثال لا يخص بالكلام العربي كما يستفاد من كلام الشرح، حيث قال هو جزئي يستشهد به في إثبات القاعدة لكونه من التنزيل أو كلام من يوثق بعربيته؛ فإن قلت: يستفاد من قوله: يحتاج إليه من الأمثلة والشواهد أن القاعدة تحتاج إليهما، وإذا كان الشاهد أخص فيندفع الحاجتان به فلا يحتاج إليهما! ! قلت: الاحتياج إليهما لا ينافي الاحتياج إلى واحد له حيثيتان.
Page 151