(ولكن) يوهم أن المذكور بعده لدفع توهم نشأ من السابق لأن وصف القسم الثالث بما وصف يوهم أنه مصون عن العيوب، وليس كذلك؛ بل المذكور تتمة الشرط؛ إذ سبب تأليف مختصر يتضمن ما فيه من القواعد، ويشتمل على ما يحتاج إليه من الأمثلة والشواهد أمور ثلاثة: كون علم البلاغة وتوابعها موصوفة بما وصف به، وكون القسم الثالث كما وصف، وكونه غير مصون عن الأمور المذكورة فالأوضح: و (كان غير مصون) أي غير خال، عبر عن عدم الخلو بعدم الصيانة تنبيها على جلالة قدر السكاكي، وإشعارا بأن اشتمال القسم الثالث على الحشو والتطويل والتعقيد لم يكن لعجزه بل لمسامحته وعدم احتياطه عن الحشو، هو فضل الكلام على ما في القاموس والتطويل، وهو جعل الكلام مطولا بذكر فضل فيه، فالحشو لغو في الكلام، والتطويل عيب يحدث في الكلام المفيد بذكر الحشو فيه، وفرق آخر بينهما بحسب الاصطلاح سيجيء لكنا حملناهما على اللغة لأن مبنى الخطب على الأوضاع اللغوية، لأنه خطاب قبل معرفة الاصطلاح والشروع في تحصيله.
Page 150