فصل
في مجاورة الأعداء والمعاندين
فيجب أن يقوي احترازه منهم على ما هو مشروح في قسم الحروب
اخر هذا الكتاب، ويستعمل معهم المناصفة فيما بينهم لئلا يكون مبتدئا بالتعدي، ومن اكتنفه الأعداء لا يتهاون في التدبير فيهم إما بإصلاحهم و بقمعهم.
وقال بزرجمهر: « من ركب الفيل الهائج او الفرس الجموح لا ينبغى أن ينعس، وكذا من قاربه العدو أو قارنه لا ينبغى له أن يغفل ». وأما من كثرت عليه الخوارج والمنافقون والمخامرون فينبغي له في مبدإ الحال أن يسكن ولا ينفر ويعفو، فانه إلى انتظام الحال وعود المعاندين إلى الرضى أقرب. ولا يغتر الملك بالأعداء إذا تنافروا وتباغضوا وكانوا عل دين واحد آو يجمعهم نسب، فانهم إذا قصدهم احد عادوا بجمعهم عليه، كذلك السباع والذئاب تتهارش مع بعضها بعض، نم إذا قصدها من غير جنسها قصدته باسرها واصطلحت عليه.
ويجب أن يقابل الظفر على الأعداء بالعفو، ويزيد في شكر الله ويعرف قدر نعمة الله عليه، هذا إذا كان مثله او أرفع منه أو دونه، ولا يقابل ذلك بالتجبر والعتو، بل بالخضوع والتواضع، فإن أمكنه العفو فليغف. وان لم تقتض المصلحة ذلك فليجمل الإمساك والحبس، وليوسع عليهم
Page 103