326

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Genres

- حُكْمُ اللهِ تَعَالَى أَنْوَاعٌ:
١) قَدَرِيٌّ (كَونِيٌّ)، كَمَا فِي قَوْلِ أَخِي يُوسُفَ ﴿فَلَنْ أَبْرَحَ الأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي وَهُوَ خَيْرُ الحَاكِمِيْنَ﴾ (يُوْسُف:٨٠).
٢) شَرْعِيٌّ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيْهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللهِ﴾ (الشُّوْرَى:١٠).
٣) جَزَائِيٌّ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿وَقَالَتِ اليَهُوْدُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ اليَهُوْدُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُوْنَ الكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِيْنَ لَا يَعْلَمُوْنَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فِيْمَا كَانُوا فِيْهِ يَخْتَلِفُوْنَ﴾ (البَقَرَة:١١٣).
- زَعْمُ المُنَافِقِيْنَ هُنَا هُوَ قَوْلُهُم الكَذِبَ (١)، لِأَنَّه لَا يَجْتَمِعُ الإِيْمَانُ بِالقُرْآنِ مَعَ إِرَادَةِ التَّحَاكُمِ إِلَى غَيْرِهِ، وَالإِرَادَةُ هُنَا ضَابِطٌ مُهِمٌّ لِكَوْنِ فَاعِلِهِ كَافِرًا كُفْرًا أَكْبَرًا، فَهو تَارِكٌ لِلحَقِّ مُقْبِلٌ عَلَى البَاطِلِ، وَلَوْ كَانَ صَادِقًا فِي إِيْمَانِهِ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِهِ مَيْلٌ لِغَيْرِ شَرْعِ اللهِ تَعَالَى. (٢) (٣)
- قَوْلُهُ ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِيْنَ يَزْعُمُوْنَ أَنَّهُمْ آَمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ﴾ هُمُ المُنَافِقُوْنَ، ﴿وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ هُمُ اليَهُوْدُ، وَكُلٌّ قَدْ أُمِرَ فِي كِتَابِهِ بِالكُفْرِ بِالطَّاغُوْتِ، وَالطَّاغُوْتُ هُنَا هُوَ الكَاهِنُ المَذْكُوْر فِيْمَا سَبَقَ مِنَ الأَبْوَابِ حَيْثُ أَنَّهُم أَرَادُوا التَّحَاكُمَ إِلَيْهِ.
- قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيْبَةٌ﴾: المُصِيْبَةُ هُنَا تَشْمَلُ المُصِيْبَةَ الشَّرْعِيَّةَ (٤)، وَالمُصِيْبَةَ الدُّنْيَوِيَّةَ كَالفَقْرِ وَالجَدْبِ.
- (الصَّدُّ): الإِعْرَاضُ وَالصُّدُوْفُ (٥)، فَقَوْلُهُ تَعَالَى ﴿رَأَيْتَ المُنَافِقِيْنَ يَصُدُّوْنَ عَنْكَ صُدُوْدًا﴾: أَيْ: يُعْرِضُوْنَ إِعْرَاضًا كُلِّيًّا.
- قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ﴾: أَيْ: لَا تَقْبَلِ اعْتِذَارَهُم؛ لِأَنَّه اعْتِذَارٌ كَاذِبٌ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ الاعْتِذَارُ مِنَ النَّادِمِ وَالتَّائِبِ وَالمُخْطِئِ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ، أَمَّا الإِنْسَانُ المُتَعَمِّدُ لِلبَاطِلِ فَلَا يُقْبَلُ اعْتِذَارُهُ إِلَّا إِذَا رَجَعَ إِلَى الصَّوَابِ وَتَابَ.
- قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيْغًا﴾: أَيْ: وَانْصَحْهُم فِيْمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُم بِكَلَامٍ بَلِيْغٍ رَادِعٍ لَهُم.
- الإِفْسَادُ فِي الأَرْضِ نَوْعَان:
١) إِفْسَادٌ حِسِّيٌّ (مَادِّيٌّ): وَذَلِكَ كَهَدْمِ البُيُوْتَ وَإِفْسَادِ الطُّرُقِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. (٦)
٢) إِفْسَادٌ مَعْنَوِيٌّ: وَذَلِكَ بِالمَعَاصِي، وَهُوَ مِنْ أَكْبَرِ الفَسَادِ فِي الأَرْضِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا قِيْلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُوْنَ﴾ (البَقَرَة:١١).

(١) قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي كِتَابِهِ (جَمْهَرَةُ اللُّغَةِ) (٨١٦/ ٢): (وَأَكْثَرُ مَا يَقَعُ الزَّعْمُ عَلَى البَاطِلِ، وَكَذَلِكَ هُوَ فِي التَّنْزِيْلِ ﴿زَعَمَ الَّذِيْنَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا﴾ (التَّغَابُن:٧».
(٢) كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي نَفْسِ الآيَاتِ ﴿أُوْلَئِكَ الَّذِيْنَ يَعْلَمُ اللهُ مَا فِي قُلُوْبِهِمْ﴾.
(٣) وَفِي صَحِيْحِ مُسْلِمٍ (٥٠) - بَعْدَ حَدِيْثِ البَابِ - عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُوْدٍ؛ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ قَالَ: (مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُوْنَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوْفٌ يَقُوْلُوْنَ مَا لَا يَفْعَلُوْنَ، وَيَفْعَلُوْنَ مَا لَا يُؤْمَرُوْنَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيْمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ).
(٤) قُلْتُ: كَالقَتْلِ وَالحَبْسِ وَالهَجْرِ وَالفَضِيْحَةِ.
(٥) لِسَانُ العَرَبِ (٢٤٥/ ٣).
(٦) قُلْتُ: كَقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُوْنَ فِي الأَرْضِ﴾ (الكَهْف:٩٤).

1 / 326