311

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

التوضيح الرشيد في شرح التوحيد

Genres

- قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿يُوْحَى إِلَيَّ﴾: الوَحْيُ فِي اللُّغَةِ: الإِعْلَامُ بِسُرْعَةٍ وَخَفَاءٍ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ المِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ (مَرْيَم:١١)، وَفِي الشَّرْعِ: إِعْلَامُ اللهِ بالشَّرْعِ.
- قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا﴾: المُرَادُ بِاللِّقَاءِ هُنَا المُلَاقَاةُ الخَاصَّةُ، لِأَنَّ اللِّقَاءَ نَوْعَان:
١) عَامٌّ لِكُلِّ إِنْسَانٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا الأِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيْهِ﴾ (الانِشْقِاَق:٦).
٢) خَاصٌّ بِالمُؤْمِنِيْنَ، وَهُوَ لَقَاءُ الرِّضَى وَالنَّعِيْمِ كَمَا فِي هَذِهِ الآيَةِ، وَتَتَضَمَّنُ رؤيَتَهُ ﵎.
- قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾: فِيْهِ بَيَانُ صِفَةِ العَمَلِ المَقْبُوْلِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى، وَكَمَا فِي الحَدِيْثِيْنِ اللَّذَيْنِ هُمَا مِيْزَانَا قَبُوْلِ العَمَلِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى؛ وَهُمَا حَدِيْثُ (إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ)، وَحَدِيْثُ (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهو رَدٌّ). (١)
وَكَمَا قَالَ الفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ﵀ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿الَّذِيْ خَلَقَ المَوْتَ وَالحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ العَزِيْزُ الغَفُوْرُ﴾ (المُلْك:٢) قَالَ: (أخْلَصَهُ وَأَصْوَبَهُ؛ فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ خَالِصًا وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُقْبَلْ، وَإِذَا كَانَ صَوَابًا وَلَمْ يَكُنْ خَالِصًا لَمْ يُقْبَلْ، حَتَّى يَكُوْنَ خَالِصًا صَوَابًا. وَالخَالِصُ إِذَا كَانَ للهِ وَالصَّوَابُ إِذَا كَانَ عَلَى السُّنَّةِ). (٢)
- قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾: ذِكْرُ الرُّبُوْبِيَّةِ هُنَا فِيْهِ إِشَارَةٌ إِلَى العِلَّةِ فِي التَّوْحِيْدِ، فَكَمَا أَنَّ رَبَّكَ خَلَقَكَ وَلَا يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِي خَلْقِكَ؛ فَإِنَّهُ أَيْضًا مَعْبُوْدُكَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُشَارِكُهُ أَحَدٌ فِي العِبَادَةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِيْ خَلَقَكُمْ وَالَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ﴾ (البَقَرَة:٢١).

(١) الحَدِيْثُ الأَوَّلُ رَوَاهُ البُخَارِيُّ (١)، وَمُسْلِمٌ (١٩٠٧) عَنْ عُمَرَ مَرْفُوْعًا، والثَّانِي رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٢٦٩٧)، وَمُسْلِمٌ (١٧١٨) عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوْعًا؛ وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
(٢) رَوَاهُ الأَصْبَهَانِيُّ فِي الحِلْيَةِ (٩٥/ ٨).

1 / 311