أسواق العرب في الجاهلية والإسلام

Saïd Al-Afghani d. 1417 AH
116

أسواق العرب في الجاهلية والإسلام

أسواق العرب في الجاهلية والإسلام

Maison d'édition

-

Numéro d'édition

-

Genres

أما الأول فالرفادة التي كانت من مناقب قريش خاصة، مما تفاخر به أحياء العرب قاطبة، وهي -كما ذكرنا في موضع آخر- "شيء تترافد به قريش في الجاهلية، تخرج فيما بينها مالا تشتري به للحاج طعاما وزبيبا" ولعل في هذا الأمر شيئا وراء إكرام حجاج البيت الحرام، وما إلى ذلك من أمور تتصل بشعائر وعقائد تمتّ إلى الدين، وهذا الشيء هو إغراء العرب بحج تلك الأسواق التجارية والإقبال عليها حتى تغصّ بالبائعين والشارين، فتأمن قريش على أرباحها وتكفل من ذلك رواج تجاراتها التي هي قوام أمورها في الحياة. فالغرض الحقيقي -فيما يبدو لي- تجاري أكثر منه دينيا. ولا يفسر ذلك أحسن تفسير إلا الحوادث التي رافقت البعثة، وما لاقى رسول الله ﷺ أول أمره من الألاقي والأذى. وما كانت قريش -وهي ما هي حصافة عقول- لتعمى عن نور الإسلام لولا أنها خافت على زعامتها التجارية والدينية أن يدكها الإسلام ويذهب ريحها، وإنما تسلطت قريش على نفوس العرب السذج بتلك الخرافات التي جعلت من أصنام الكعبة آلهة مقدسة لُفِّق حولها أباطيل وقصص اتخذت مع الزمن شكل العقائد، وجعلت من قريش قُوّاما على هذا الدين الذي دانته العرب في الجاهلية.

1 / 123