وأمسكت يدي بيدها وسارت بي إلى الفندق، وأنا مفعم القلب بأحاسيس مهمة، ونوازع غامضة أكاد أترنح منها لذة ونشوة.
ووقفنا في الردهة وهي تقول: إن سفر عشرين ساعة في القطار وفي مثل هذه الظروف السيئة يتقاضاك الراحة الآن وأنت متعب ولا شك، قلت: إن لقاءك يا عزيزتي راحة المتعب وشفاء العاني، قالت: أراك ذلق اللسان لبق العبارة فتعال بنا نشرب القهوة معا وتحدثني بأنباء رحلتك منذ فارقتنا.
وتكلمت مع الخادمة ودخلنا غرفة الموسيقى بعد أن أغلقت بابها ثم تهافتت على مقعد صغير وهي تقول: الآن يطيب الحديث.
قلت: حبذا حديثك أنت «يا كارين» فإني في حاجة إلى ما يبهجني.
قالت: أسفا يا صديقي فإن هذه الحرب كما سدت طريقك فقد سدت طريقي أيضا.
قلت: هذه مفاجأة ولا شك فبالله حدثيني.
قالت: كنت على وشك السفر إلى باريس صباح أمس، وكادت تكون هذه الليلة أولى ليالي في الأوبرا ولشد ما كنت سأحلم بالسعادة والمجد وأنا أرتل النشيد على موسيقى بلليني في أوبرا «نورما» في موسم هذا العام.
قلت: لا علم بذلك يا صديقتي.
قالت: أنت تعرف أنني قضيت عامين في ميلانو أتلقى فن الغناء وأني اشتركت في أغاني أوبرا «كوستانتينو» التي وضع ألحانها «فرنسسكو جاسبارين» كما اشتركت في غنائيات كثيرة في روكال وسكالا وكانت تؤثرني بإعجابها المغنية الراقصة «جاپرييلا بيزانسوني» بطلة «كارمن».
قلت: أنت لا زلت في مطلع شبابك، ومستهل حياتك، ولا تزال أمامك الأيام طويلة بعيدة الآماد، المستقبل لك فلا تأسي على شيء فربما انتهت الحرب قريبا جدا.
Page inconnue