جماعة «ليكونت دي ليل»، ولقيت شاعريته المبدعة هوى وتقديرا من الشعراء والنقاد النابهين في الأوساط الأدبية العالية، الذين تضمهم هذه الجماعة، أمثال جوزي ماريا، سوللي برودوم، فرنسوى كوبيه وكاتول منيدي وغيرهم، ولعل هؤلاء خير ما صادفه الشاعر في حياته الأدبية، فقد أثبت اتصاله بهم شخصيته كشاعر مرموق الحاضر مرجو المستقبل، كما أصبح فيهم بعد ذلك ظاهر الشخصية نابه الشأن.
لي كونت دي ليل
كان هذا في الفترة ما بين عام 1866 وعام 1869 أو ما بين ظهور ديوانيه الأول والثاني.
وفي ربيع عام 1869 قابل فتاة تدعى ماتيلد موت
Mathild Mautè
أخت أحد أصدقائه، فتحابا من النظرة الأولى، وزاد شغف ڤيرلين بفتاته كما استمرأت ماتيلد مطارحاته الغرامية، ففكرا في الزواج، ولم يكن أمره مستطاعا فقد كانت ماتيلد فتاة صغيرة، وكانت حداثة سنها تحول دون الزواج، وأخيرا ظفرا بهذه السعادة، ولم يكن ثمة من سعادة يحلم بها ڤيرلين بعد ذلك، فقد كان مدلها يستغرقه الحب، وكان يرى في الزواج رابطة مقدسة، كما كان يرى فيه منقذا له من نقائصه، مطهرا لكل آثامه ، ولكن هذا الحلم الجميل لم يتحقق!
فقد بدأت الحرب السبعينية بين فرنسا وألمانيا، وكان البروسيون يطوقون باريس؛ فتطوع ڤيرلين في جيش المواطنين المدافعين عن مدينتهم، وهكذا فارق الشاعر زوجه بعد شهور قليلة من زواجهما، وعاشت الشابة الصغيرة في بعض غرف شارع «الكردينال ليموان» تنتظر زوجها الشاب.
ووضعت الحرب أوزارها، وعاد ڤيرلين إلى باريس، ولكنه كان قد تغير، كان لا يزال على عهده من الحب لزوجته، ولكنه عاد سيرته الأولى، مستغرقا في حمأة نقائصه، عاد ڤيرلين إلى باريس ولكنه فقد وظيفته الأولى، وكان الإسراف قد أودى بأمه إلى الفاقة والعوز، فاضطر ڤيرلين أن يغادر باريس، صحبة أمه وزوجه إلى «شارڤيل» لا ليشاركوا والدي «ماتيلد» غرفتهما الوحيدة فحسب، بل ليعيشوا أيضا عالة عليهما.
ولم يكن هذا كل ما أعدته الأقدار لڤيرلين في «شارفيل»، فقد بدأت أخطر دقائق حياته من الاقتراب، وكانت النكبة التي لوثت حياة هذا الشاعر المسكين، في خطاب تلقاه من شاعر يدعى «آرثر رامبو»
Arthur Rimbaud
Page inconnue