وريقة من فنن
قد ذبلت وانطلقت
في العاصف الشفيف
وما كاد ديوانه الثاني «أعياد مرحة» يظهر في المكتبات، حتى أقبل عليه الأدباء، وكان حظه عظيما من الناقد الكبير «سنت بيف» فبدأ يكتب عن ڤيرلين الشاعر كاكتشاف جديد، وذخيرة نفيسة في الشعر الفرنسي، كما كتب عنه الكاتب الكبير «فرنسوى كوبيه» فوصفه بأنه خلق شعرا يمتاز بطابعه الفردي، ويسترعي أرق اهتزازات العصب الإنساني، وأن قوافيه وأوزانه تجمع بين الحرية والترسل في أسلوب كله قوة وكله عذوبة، واستعارات رائعة وموسيقى فريدة.
سنت بيف
والحق أن ديوانه الثاني «أعياد مرحة» كان له من عنوانه نصيب عظيم، فكانت قصائده أكثر احتفالا بالبهجة، وهكذا تكون روح الشاعر، فغناؤها يترجم دائما عن شعوره بالحياة وتأثره بأفراحها وأتراحها، فهي في ديوانه الأول يغشاها الاضطراب، وهي في ديوانه الثالث
Romances sans Parole
الذي نظمه في السجن، تتجاوب بأصداء الألم الذي تضطرب به روح الطائر الحبيس وهي في ديوانه الثاني مرحة تصدح بالفرح وتغرد بالأمل الجميل، وكما أنطق البؤس ڤيرلين كذلك أنطقه الحب، ولم يكن غرام ماتيلد عبثا محضا، فقد ألهم ڤيرلين أرق أشعاره وأعذب أغانيه، وكشف عن جوهر روحه الصافية وإبداع عقله، فمن العيون الضاحكة، ومن الشعر الأشقر المتموج، ومن هذا الصوت الرخيم، استمد ڤيرلين ألوان خياله المتلألئة، ومرح قوافيه، وروعة أنغامه، ولعلك تحس هذا كله في هذه القصيدة:
هذا هو القمر الفضي يملأ الغابة نورا
وثم صوت ساحر يهتف تحت كل فرع ومن ذؤابة كل غصن «يا محبوبتي»
Page inconnue