قال إنه كان مشغولا دوما وكثير الترحال، وإضافة إلى ذلك، ليس من السهل أن يلتقي المرء بامرأة طيبة القلب. كانت على وشك التأكد مما إذا كان يعي الموقف كاملا، وتوضح له أنها لم تتوقع شيئا من وصية السيد تول (وبالفعل لم تحصل على شيء)، لكنها استشفت في آخر لحظة قبل أن تقول شيئا أن ولفريد من الرجال الذين يشعرون بالإهانة من أمر كهذا.
وبدلا من ذلك قالت: «أتعرف أنك لن تكون أول من يطارحني الغرام؟»
أجابها: «كفى، لن نتطرق إلى هذا الموضوع بالبيت أبدا، اتفقنا؟»
وافقت ملدريد، وسرها رؤية تحسن سريع في سلوكه تجاه النادلة، بل إنه في الحقيقة تجاوز توقعاتها حيث اعتذر إليها عن نفاد صبره منذ قليل، قائلا إنه عمل في مطعم في فترة من الفترات، وأخبرها عن مكان المطعم الذي كان يعمل به؛ على طريق ألاسكا السريع. ووجدت الفتاة صعوبة في التملص منه لتقديم القهوة لرواد المطعم الآخرين.
ولم يطرأ تحسن آخر على آداب ولفريد على المائدة. وخمنت ملدريد أن هذه واحدة من خصاله - كعازب - التي يتعين عليها أن تتكيف معها.
قالت ملدريد: «من الأفضل أن تطلعني على مكان ولادتك وغيره من معلومات.»
قال لها إنه ولد في مزرعة ببلدة هوليت، لكنه رحل عنها بعد ثلاثة أيام من ولادته.
قال ضاحكا: «كثير الأسفار!» ثم ترك الهزل، وأخبرها أن أمه ماتت خلال ساعات من ولادته، وأن خالته هي التي تعهدته بالرعاية. وكانت خالته متزوجة من رجل يعمل بالسكك الحديدية، وكانوا كثيري الانتقال، وعندما بلغ الثانية عشرة من عمره توفيت خالته. ثم تطلع إليه زوج خالته سائلا: «إنك لفتى ضخم الجثة، ما مقاس حذائك؟»
أجاب ولفريد: «تسعة.» «إذن فأنت كبير بالقدر الكافي لتكسب قوت يومك بنفسك.»
قال ولفريد: «كان لديه هو وخالتي ثمانية من الأطفال؛ فلا لوم عليه.» «هل لديك أي إخوة أو أخوات في عائلتك الأصلية؟» طرحت ملدريد عليه هذا السؤال وهي تفكر بأريحية في حياتها الخاصة وما كانت عليه منذ زمن بعيد؛ صورة أمها وهي تمشط شعرها المجعد في الصباح، والهرة الصغيرة بانسي التي اعتادت أن تلبسها ملابس دميتها، وتضعها في عربة الدمية وتطوف بها حول البناية. «كانت لدي أختان متزوجتان أكبر مني، لكنهما توفيتا. ولي أخ وحيد انتقل للعيش في ساسكاتشوان، يعمل مديرا لصومعة حبوب تعمل بالآلات. لا أعرف كم يكسب من عمله هذا، لكن أتخيل أن عمله مجز؛ فقد التحق بكلية إدارة الأعمال مثلك تماما، وهو مختلف عني كثيرا.» •••
Page inconnue