نَاصِعَةُ الخُضْرةِ في فاقِعَةِ ال ... صُّفْرَةِ زِينَتْ بحجُولٍ لمْ تُعَبْ
كأَنَّهَا فَيْرُوزجٌ في عُمُدٍ ... مِنْ فِضَّةٍ تَجْرِي بموْجٍ مِنْ ذَهَبْ
يَقَعْنَ في الأَرْضِ وُقُوعَ اللَّحْظِ في ... خَدِّ الحَبِيبِ عنْدَ خَوْفِ المُرْتقِبْ
بَرْقٌ إِذا شَدَّ ورِيحٌ إِنْ رَنَا ... والصَّقْرُ إِنْ طالَ وفَهْدٌ إِنْ وَثَبْ
كالنّار إِن أَلْهبَ أَو كالرِّيح إِنْ ... أَسْهبَ أَو كالمَاءِ حين ينْسكِبْ
وللعبّاسيّ في مثله:
وسَابِحٍ مُسَامِحٍ ذي مَيْعَةٍ ... كأَنَّهُ حَرِيقُ غَابٍ يَلْتَهِبُ
تَرَاهُ إِنْ أَبْصَرتَه مُسْتَقْبلًا ... كأَنّمَا يَعْلو من الأَرْضِ حَدَبْ
وإِنْ رَآه ناظرٌ مُسْتَدْبِرًا ... تَوَهَّمَتْه العَيْنُ يَجْرِي في صَبَبْ
عَارِي النَّسَا يَنْتَهِبُ التُّرْبَ له ... حَوَافِرٌ باذِلةٌ ما تَنْتَهِبْ
تُسَالِمُ التُّربَ ورَيّانَ الثَّرَى ... لكِنَّها مَعَ الصُّخورِ تَصْطَخِبْ
أَسرَعُ من لَحْظَتِه إِذا عَدَا ... أَطْوَعُ مِن عِنَانه إِذا جُذِبْ
ذي غُرَّةٍ قدْ صَدَعَتْ جَبْهَتَه ... وأُذُنٍ مثْلِ السِّنَان المنتَصِبْ
ومنْخَرٍ كالْكِيرِ لمْ تَشْقَ به ... أَنْفَاسُه ولمْ يَخُنْهَا في تَعَبْ
يَبْعَثُهَا جَنَائِبًا ويَنثَنِي ... شَمَائِلًا إِلى فُؤَادٍ يَضْطَرِبْ
وقلْتُ على هذا الوزْن:
بثَابِتِ النِّسبةِ في العِتْقِ له ... من أَعْوَجٍ ولاَحقٍ خيرُ نَسَبْ
ذِي عُنُقٍ مدِيدةٍ ومُقْلَةٍ ... حَدِيدةٍ وأُذُنٍ فيها نجَبْ
تَسْمعُ هجْسَ الصَّوتِ من بُعدِ المَدَى ... فتَنْتَحِي سَامِعَةً وتَنْتصِبْ
لا تَأْخذُ العَيْنُ الذِي تأْخذُه ... فَهْيَ لهُ حافِظَةٌ من الرِّيَبْ
ومنْخرٍ مثْل الوِجارِ يُبْعثُ الْ ... أَنفَاسَ في شَرْقٍ وغَرْبٍ إِذْ رَحُبْ
وكَفَلٍ مَتْنُ الطِّرَافِ متْنُهُ ... وبَطْنُه ذو جُفْرةٍ وذو قَبَبْ
تَراهُ كالطَّود لَدى إقْبَالِه ... وعِنْدما يُدْبِر كالسَّيْلِ السَّرِب
تُقِلُّه قوائمٌ عُبْلٌ لها ... حَوَافِرٌ حُفْرٌ صِلاَبٌ لم تخِبْ
يُخَلِّفُ الرّيحَ لدَى كَلاَلةٍ ... وشَاْوُهُ كالبَرْق حينَ يلْتَهِبْ
ولبعض العرب:
وقد اغْتَدى قبْل ضَوْءِ الصَّبَاحِ ... ووِرْدٍ القَطَا في الغَطَاطِ الحِثَاثِ
بضَافِي الثَّلاثِ طَوِيلِ الثَّلاثِ ... قَصِيرِ الثَّلاثِ عَرِيضِ الثَّلاَثِ
مُحجَّلِ رِجْليْنِ طَلْقِ اليَدَيْنِ ... لَه غُرَّةٌ مِثْلُ ضَوْءِ الإِرَاثِ
إِذا احْترثَ الناسُ ما يَجْمعون ... فإِنَّ الجِياد يَكُنَّ احْتِرَاثِي
تُرَاثُ أَبِي كُنَّ مِنْ بَعْدِه ... وهُنَّ إِذَا مِتُّ بَعْدِي تُرَاثِي
وأُتِيَ الحجّاجُ بفَرسٍ، فقال لجُلَسائه: أَبُّكم يَنعَتُ هذا الفَرَسَ فهو له، فابتدَرَ ابنُ القرِّيَّة فقاتل: أَصْلح الله الأَمير، هو حَدِيدُ الثلاثِ، أَسودُ الثلاثِ، قصيرُ الثلاث، طَوِيلُ الثَّلاث، مُشرِفُ الثَّلاث، أَقْنَى الثَّلاثِ، صُلْبُ الثَّلاثِ، فقال له الحجّاجُ: لتُفَسِّرَنَّ أَثَالِثَكَ أَو لأَضْرِبنَّ عُنُقَك، قال: حَدِيدُ النَّظَر، حَديد القَلْبِ، حَديدُ المَنْكِب، أَسودُ العينِ، أَسودُ الحافِرِ، أَسودُ الذَّنَبِ، قَصيرُ السّاقِ، قصيرُ الظَّهْرِ، قَصِير النَّسَا، طويلُ البَطْنِ، طَوِيلُ العُنُقِ، طويلُ القَوَائم، مُشْرِفُ المَناكِب، مُشْرِف الهَامَةِ، مُشْرِفُ المَتْنِ، أَقْنَى القَوائِم، أَقْنَى الظَّهْر، أَقْنَى العُنق. قال: أَحسنتَ خُذهُ لك.
1 / 57