وفنحاص بن عازوراء أودع دينارا فخانه، ولأن خيانة أهل الكتاب المسلمين يكون على استحلال بدليل آخر الآية، بخلاف خيانة المسلم المسلم فلذلك خصهم بالذكر.
* * *
فإن قيل: كيف قال: (وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا) .
وأكثر الجن والأنس كفرة؟
قلنا: المراد بهذا الاستسلام والانقياد، لما قضاه عليهم وقدره من الحياة والموت والمرض والصحة والشقاء والسعادة ونحو ذلك.
* * *
فإن قيل: كيف قال: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) . ومعلوم أن المرتد كيفما ازداد كفرًا فإنه مقبول التوبة؟
قلنا: الآية نزلت في قوم ارتدوا ثم أظهروا التوبة بالقول لستر أحوالهم والكفر في ضمائرهم، قاله ابن عباس وقيل: نزلت في قوم تابوا من ذنوبهم غير الشرك، وقيل: معناه لن تقبل توبتهم وقت حضور
الموت.
* * *
فإن قيل: كيف قال: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ) .
وكم من بيت بنى قبل الكعبة من زمن آدم إلى زمن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام؟
قلنا: معناه أنه أول بيت وضع قبلة للناس ومكان عبادة لهم، أو وضع مباركًا للناس، ولأن ابن عباس قال: أول من بناه آدم ﵊ لما أهبط من السماء أوحي الله إليه: أبن لي بيتًا فى
1 / 49