سورة آل عمران
* * *
فإن قيل: كيف قال تعالى: (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ) .
ثم قال تعالى: (وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ) ؟
قلنا: لأن القرآن نزل منجمًا، والتوراة والانجيل نزلا جملة واحدة
كذا أجاب الزمخشري وغيره، ويرد عليه قوله تعالى بعد ذلك: (وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ) . فإن الزمخشري قال: أراد به جنس الكتب السماوية لا الثلاثة المذكورة جصوصًا، أو أراد به الزبور أو
أراد به القرآن، وكرر ذلك تعظيمًا، ويرد عليه بعد ذلك: (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ) .
وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) .
وقوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً) .
والذى وقع لي فيه -والله أعلم -أن التضعيف في نزل، والهمزة في أنزل كلاهما للتعدية، لأن نزل فعل لازم في نفسه وإذا كانا للتعدية لا يكونان لمعنى آخر وهو التكثير أو نحوه لأنه لا نظير له، فإنما جمع بينهما والمعنى واحد، وهو التعدية جريًا على
عادة العرب في افتتانهم في الكلام وتصرفهم فيه على وجوه شتى.
ويؤيد هذا قوله تعالى: (لولا نزل عليه آية من ربه) . وقال
1 / 38