فإن قيل: انتظار المعسر فرض بالنص، والتصدق عليه تطوع، فكيف قال: (وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ) ؟
قلنا: كل تطوع كان محصلا للمقصود من الغرض بوصف الزيادة كان أفضل من الغرض، كما أن الزهد في الحرام فرض، وفى الحلال
تطوع والزهد في الحلال أفضل كما بينا كذلك هنا.
* * *
فإن قيل: ما فائدة قوله تعالى: (بدين) . وقوله: (تداينتم) مغنى عنه؟
قلنا: فائدته رجوع الضمير إليه في قوله: (فَاكْتُبُوهُ) . إذ لو لم يذكره لقال: فاكتبوا الدين، والأول أحسن نظمًا، الثانى أن تداين مشترك بين الأقراض والمبايعة وبين المجازاة، وإنما عبر بينهما بفتح الدال وكسرها ومنه: (ملك يوم الدين) . (أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) .
فذكر الدين ليتعين أي المعنيين هو المراد.
* * *
فإن قيل: كيف شرط السفر في الارتهان بقوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) .
1 / 33