وأصحابه كانوا يتحدونهم بالقرآن، وقوله تعالى في موضع آخر: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ) يعضد الوجه الأول.
الثالث: أن يكون الخطاب في الثانى والثالث للمشركين، والضمير في " يستجيبوا " لمن استطعتم يعنى فإن لم يستجب لكم من تدعونه إلى المظاهرة على معارضته لعجزهم، فاعلموا أيها المشركون إنما أنزل بعلم الله، وهذا وجه لطيف.
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا) يدل على
بطلان أعمالهم فما فائدة قوله بعده: (وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) ؟
قلنا: المراد بقوله تعالى: (وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) أي بطل ثواب ما صنعوا من الطاعات في الدنيا، (وبطل ما كانوا يعملون) من الرياء فيها.
* * *
فإن قيل: كيف قال نوح ﵊: (وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ) بالواو، وقال هود ﵊: (يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ) بغير واو؟
قلنا: لأن الضمير في قولهما عليهما الصلاة والسلام لتبليغ الرسالة المدلول عليه بأول الكلام في القصتين، ولكن في قصة نوح ﵊ وقع الفصل بين الضمير وما هو عائد عليه بكلام