أيها الإنسان في شك ...
* * *
فإن قيل: قوله تعالى: (مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ)
يدل على أن الخطاب للنبى ﵊ لا لغيره؟
قلنا: لا يدل، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا)
وقال: (يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ)، الثانى أن الخطاب للنبى ﵊ والمراد غيره كما في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ)
ويعضد بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) ويعضد هذا الوجه قوله تعالى بعده: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي) .
الثالث: أن يكون (إن) بمعنى (ما) تقديره: فما كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل، المعنى لسنا نأمرك أن تسأل أحبار اليهود والنصارى عن صدة كتابك، لأنك في شك منه، بل لتزداد بصيرة ويقينا وطمأنينة، الرابع: أن الخطاب للنبى ﵊ مع انتفاء الشك منه قطعا، والمراد به إلزام الحجة على الشاكين الكافرين
كما يقول لعيسى ﵊: (أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ)
وهو عالم بانتفاء هذا القول منه،