قدْ مارستْ من الخطوبِ مرِسا ... يساورُ الهولَ إذا الهولُ علا
لي التواءٌ إنْ معاديَّ التوى ... ولي استواءٌ إنْ مواليَّ استوى
طعمِي شريٌّ للعدوِّ تارةً ... والأري بالرَّاحِ لمن ودّي ابتغى
لدنٌ إذا لُوينتْ سهلٌ معطفي ... ألوى إذا خوشنتُ مرهوبَ الشَّذَا
يعتصمُ الحلمُ بجنبيْ حبوَتي ... إذا رياحُ الطَّيشِ طارتْ بالحُبى
لا يطَّبيني طمعٌ مدنِّسٌ ... إنْ استمالَ طمعٌ أو اطَّبى
وقد علتْ بي رتبًا تجاربِي ... أشفينَ بي منها على سبلِ النُّهى
إذا امرؤٌ خيفَ لإفراطِ الأذى ... لم يخشَ منِّي نزقٌ ولا أذى
من غيرِ ما وهنٍ ولكنِّي امرؤٌ ... أصونُ عرضًا لم يدنِّسهُ الطَّخا
وصونُ عرضِ المرءِ أنْ يبذلَ ما ... ضنَّ بهِ ممَّا حواهُ وانتصى
والحمدُ خيرُ ما اتَّخذتَ جنَّةً ... وأنفسُ الأذخارِ من بعدِ التُّقى
وكلُّ قرنٍ ناجمٍ في زمنٍ ... فهو شبيهُ زمن فيهِ بدَا
والنَّاسُ كالنَّبتِ فمنهُ رائقٌ ... غضٌّ نضيرٌ عودهُ مرُّ الجنى
ومنهُ ما تقتحمُ العينُ وإنْ ... ذقتَ جناهُ انساغَ عذبًا في اللَّها
يقوَّمُ الشَّارخُ من زيغانهِ ... فيستوي ما انعاجَ منه وانحنَى
والشَّيخُ إنْ قوَّمتهُ من زيغهِ ... لم يقفِ التثقيفُ منهُ ما التوى
كذلكَ الغصنُ يسيرٌ عطفهُ ... لدنًا شديدٌ غمزهُ إذا عسَا
منْ ظلمَ النَّاسَ تحامَوا ظلمهُ ... وعزَّ عنهمْ جانباهُ واحتمى
وهمْ لمنْ لانَ لهمْ جانبهُ ... أظلمُ من حيَّاتِ أنباتِ السَّفا
عبيدُ ذي المالِ وإنْ لم يطعَموا ... من غمرهِ في جرعةٍ تشفي الصَّدى
وهمْ لمنْ أملقَ أعداءٌ وإنْ ... شاركهمْ فيما أفادَ وحوى
عاجمتُ أيَّامي وما الغرُّ كمنْ ... تأزَّرَ الدَّهرُ عليه وارتدى
لا يرفعُ اللُّبُّ بلا جدٍّ ولا ... يحطُّكَ الجهلُ إذا الجدُّ علا
منْ لم يعظْهُ الدَّهرُ لم ينفعهُ ما ... راحَ بهِ الواعظُ يومًا أو غدَا
منْ لم تفدْهُ عبرًا أيَّامهُ ... كانَ العمى أولى بهِ من الهُدى
مَنْ قاسَ ما لم يرهُ بما رأى ... أراهُ ما يدنو إليه ما نأى
مَنْ ملَّكَ الحرصَ القيادَ لم يزلْ ... يكرعُ في ماءٍ من الذُّلِّ صرى
مَنْ عارضَ الأطماعَ باليأسِ رنتْ ... إليه عينُ العزِّ من حيثُ رنَا
مَنْ عطفَ النَّفسَ على مكروهِها ... كانَ الغنى قرينهُ حيثُ انتوى
مَنْ لم يقفْ عندَ انتهاءِ قدرهِ ... تقاصرتْ عنهُ فسيحاتُ الخُطا
مَنْ ضيَّعَ الحزمَ جنى لنفسهِ ... ندامةً ألذعَ من سفعِ الذَّكا
مَنْ ناطَ بالعجبِ عُرى أخلاقهِ ... نِيطتْ عُرى المقتِ إلى تلكَ العُرى
مَنْ طالَ فوقَ منتَهى بسطتهِ ... أعجزهُ نيلُ الدُّنا بلْهَ القُصا
مَنْ رامَ ما يعجزُ عنهُ طوقهُ ... مِ العبءِ يومًا آلَ مجزولَ المطَا
والنَّاسُ ألفٌ منهمُ كواحدٍ ... وواحدٌ كالألفِ إنْ أمرٌ عنَا
وللفتى منْ مالهِ ما قدَّمتْ ... يداهُ قبلَ موتهِ لا ما اقتنى
وإنَّما المرءُ حديثٌ حسنٌ ... فكنْ حديثًا حسنًا لمنْ وعى
إنِّي جلبتُ الدَّهرَ شطرَيهِ فقد ... أمرَّ لي حينًا وأحيانًا حلا
وفرَّ عن تجربةٍ نابي فقلْ ... في بازلٍ راضَ الخطوبَ وامتطى
والنَّاسُ للموتِ خلًا يلسُّهمْ ... وقلَّما يبقى على اللَّسِّ الخلا
عجبتُ من مستيقنٍ أنَّ الرَّدى ... إذا أتاهُ لا يُداوى بالرُّقى
وهوَ من الفغلةِ في أهويةٍ ... بخابطٍ بينَ ظلامٍ وعشَى
نحنُ ولا كفرانَ للهِ كما ... قد قيلَ في السَّاربِ أخلى فارتعى
إذا أحسَّ نبأةً ريعَ لها ... تطامنتْ عنهُ تمادى ولهَا
نهالُ للشَّيءِ الذي يروعُنا ... ونرتعي في غفلةٍ إذا انقضَى
إنَّ الشَّقاءَ بالشَّقيِّ موزعٌ ... لا يملكُ الرَّدَّ لهُ إذا أتى
واللَّومُ للحرِّ مقيمٌ رادعٌ ... والعبدُ لا يردعهُ إلاَّ العصَا
وآفةُ العقلِ الهوى فمنْ علا ... على هواهُ عقلهُ فقدْ نجَا
1 / 58