وقد سمَا عمرٌو إلى أوتارهِ ... فاحتطَّ منها كلَّ عالي المستمى
فاستنزلَ الزَّباءَ قسرًا وهي من ... عقابِ لوحِ الجوِّ أعلى منتمى
وسيفٌ استعْلتْ به همَّتهِ ... حتَّى رمى أبعدَ شأوِ المرتمى
فجرَّع الأُحبوشَ موتًا ناقعًا ... واحتلَّ من غُمدانَ محرابَ الدُّمى
ثم ابنُ هندٍ باشرتْ نيرانهُ ... يومَ أوراتَ تميمًا بالصَّلى
ما اعتنَّ لي يأسٌ يُناجي همَّتي ... إلاَّ تحدَّاهُ رجاءٌ فاكْتمى
إليَّةً باليعملاتِ يرتَمي ... بها النَّجاءُ بينَ أجوازِ الفلا
خوصٍ كأشباحِ الحنايا ضمَّرٍ ... يرعفنَ بالأمشاجِ من جذبْ البُرى
يرسبنَ في بحرِ الدُّجى وبالضُّحى ... يطفونَ في الآلِ إذا الآلُ طفا
أخفافهنَّ من حفا ومن وجَى ... مرثومةٌ تخضبُ مبيضَّ الحصا
يحملنَ كلَّ شاحبٍ محقوقفٍ ... منْ طولِ تدآبِ الغدوِّ والسُّرى
برٍّ برى طولُ الطَّوى جثمانهُ ... فهو كقدحِ النَّبعِ محنيُّ القَرا
ينوي التي فضَّلها ربُّ العُلى ... لما دحَا تربتَها على البنى
حتَّى إذا قابلَها استعبرَ لا ... يملكُ دمعَ العينِ من حيثُ جرَى
ثمَّتَ طافَ وانثنى مُستلمًا ... ثمَّتَ جاءَ المروتَينِ فسعى
وأوجبَ الحجَّ وثنَّى عمرةً ... من بعدِ ما عجَّ ولبَّى ودعَا
ثمَّتَ راحَ في الملبِّينَ إلى ... حيثُ تحجَّى المأزِمانِ ومنى
ثم أتى التَّعريفَ يقرُوا مُخبتًا ... موافقًا بينَ إلالٍ والنَّقا
واستأنفَ السَّبعَ وسبعًا بعدَها ... والسَّبعَ ما بينَ العقابِ والصُّوى
وراحَ للتَّوديعِ ممَّنْ راحَ قد ... أحرزَ أجرًا وقلى هجرَ اللَّغا
بذاكَ أم بالخيلِ تعدُو المرطى ... ناشزةً أكتادُها قبَّ الكُلى
يحملنَ كلّ ذي شمَّريٍّ باسلٍ ... شهمِ الجنانِ خائضٍ غمرَ الوغى
يغشى صلى الموتِ بخدَّيهِ إذا ... كانَ لظى الموتِ كريهَ المصطلى
لو مثِّلَ الحتفُ لهِ قرنًا لمَا ... صدَّتهِ عنهُ هيبةٌ ولا انثنى
ولو حمى المقدارُ عنهُ مهجةٌ ... لرامَها أو تستبيحَ ما حمَى
تغدُو المنايا طائعاتٍ أمرهُ ... ترضَى الذي يرضى وتأبى ما أبى
بلْ قسمًا بالشُّمِّ من يعربَ هل ... لمقسمٍ من بعدِ هذا منتهى
همُ الأُلى إنْ فاخروا قالَ الأُلى ... بفي امرئٍ فاخركمْ عفرَ البرى
همُ الأُلى أجرَوا ينابيعَ النَّدى ... هاميةً لمنْ عرَا أو اعتفَى
همُ الذينَ دوَّخوا من انتحى ... وقوَّموا من صعرٍ ومن صغا
همُ الذينَ جرَّعوا منْ ماحَلوا ... أفاوقَ الضَّيمِ ممرَّاتِ الحُسا
أزالَ حشْو نثرةٍ موضونةٍ ... حتَّى أوارى بينَ أحشاءِ الجُثى
وصاحبايَ صارمٌ في متنهِ ... مثلُ مدبِّ النَّملِ يعلو في الرُّبى
كأنَّ بينَ عيرهِ وغربهِ ... مفتأدًا تأكَّلتْ فيه الجُذى
يُري المنونَ حينَ يقفُو إثرهُ ... في ظلمِ الأكبادِ سبلًا لا تُرى
إذا هوَى في جثَّةٍ غادرَها ... من بعدِ ما كانتْ خسَا وهي زكَا
ومشرفُ الأقطارِ خاظٍ نحضهُ ... حابِي القُصيرى جرشعٌ عردُ النَّسى
قريبُ ما بينَ القطاةِ والقرا ... بعيدُ ما بينَ القذالِ والصَّلا
سامي التَّليلِ في دسيعٍ مفعمٍ ... رحبُ الذِّراعِ في أميناتِ العُجى
ركِّبنَ في حواشبٍ مكتنَّةٍ ... إلى نسورٍ مثلِ ملفوظ النَّوى
يديرُ إعليطَيْنِ في ملمومةٍ ... إلى لموحينِ بألحاظِ اللأى
مداخلُ الخلقِ رحيبٌ نحرهُ ... مخلولقُ الصَّهوةِ ممسودٌ وأى
لا صككٌ يشينهُ ولا فجَا ... ولا دخيسٌ واهنٌ ولا شظَا
يجري فتكبُو الرِّيحُ في غاياتهِ ... حسرى تلوذُ بجراثيم السَّحا
إذا اجتهدتَ نظرًا في إثرهِ ... قلتَ سنًا أومضَ أو برقٌ خفَا
كأنَّما الجوزاءُ في أرساغهِ ... والنَّجمُ في جبهتهِ إذا بدَا
هُما عتادي الكافيانِ فقدْ مَنْ ... أعددتهُ فلينْأَ عنِّي منْ نأى
فإنْ سمعتَ برحَى منصوبةً ... للحربِ فاعلمْ أنَّني قطبُ الرَّحى
1 / 56