أمّا قوله: «أدبى العرفج» يريد أن الرجال قد استلأموا ولبسوا السلاح، وقوله:
«شكت النساء»؛ أى اتخذن الشّكاء (١) للسّفر، وقوله: «الناقة الحمراء»، أى ارتحلوا عن الدّهناء. واركبوا الصّمّان (٢)؛ وهو الجمل الأصهب (٣). وقوله: «أكلت معكم حيسا» يريد أخلاطا من الناس قد غزوكم، لأن الحيس يجمع التمر والسمن والأقط. فامتثلوا ما قال، وعرفوا لحن كلامه.
تأويل خبر «*» [«من أحبّنا أهل البيت؛ فليستعدّ للفقر جلبابا، أو تجفافا]
روى أبو عبيد القاسم بن سلام فى كتابه غريب الحديث، عن أمير المؤمنين ﵇ (٤) أنه قال: «من أحبّنا أهل البيت؛ فليستعدّ (٥) للفقر جلبابا، أو تجفافا (٦)».
قال أبو عبيد: قد تأوّل بعض الناس هذا الخبر على أنه أراد به الفقر فى الدّنيا، قال:
وليس ذلك كذلك؛ لأنّا نرى فيمن يحبّهم مثل ما نرى فى سائر الناس، من الغنى والفقر، ولا تمييز (٧) بينهما، قال: والصّحيح أنه أراد الفقر فى يوم القيامة، وأخرج الكلام مخرج الموعظة والنصيحة والحثّ على الطاعات، فكأنه أراد: من أحبنا فليعدّ لفقره يوم القيامة ما يجبره (٨) من الثّواب، والقرب إلى الله تعالى، والزّلف (٩) عنده.
_________
(١) فى حاشيتى الأصل، ف: «جمع شكوة، وهى السقاء الصغيرة».
(٢) حواشى الأصل، ت، ف:
«الدهناء: هى أرض فى بلاد تميم، يمد ويقصر. والصمان: أصله الأرض الغليظة، والصمان: موضع إلى جنب رمل عالج؛ وقال:
حتى أتى علم الدّهنا يواعسه ... والله أعلم بالصّمّان ما جشموا
قوله: «يواعسه»، من الوعساء، وهى الرمل، وهو فى موضع الحال، أى مواعسا آخذا فى اللين من الأرض، وقوله: «ما جشموا» يجوز أن تكون «ما» استفهامية، ويجوز أن تكون بمعنى الّذي؛ وفى كلا الوجهين يكون نصبا لما دل عليه «أعلم» من الفعل».
(٣) حاشية ف: «أراد بالصمان الأرض؛ وكنى عنها بالجمل الأصهب».
* ف: قبل هذا العنوان: «مجلس آخر».
(٤) ت: «صلوات الله عليه».
(٥) حاشية الأصل (من نسخة): «فليعد».
(٦) التجفاف؛ بكسر الباء وفتحها: ما يجلل به الفرس من سلاح وآلة تقيه الجراح، وقد يلبسه الإنسان أيضا.
(٧) ت: «ولا نميز»، وفى ف، وحاشية الأصل (من نسخة): «ولا تميز».
(٨) فى ف، ونسخة بحاشيتى الأصل، ت:
«ما يجيره».
(٩) حاشية ت (من نسخة): «الزافى».
1 / 17