الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
الكفاية في التفسير بالمأثور والدراية
Maison d'édition
دار القلم
Édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٨ هـ - ٢٠١٧ م
Lieu d'édition
بيروت - لبنان
Genres
٨ - حين بمعنى: خمس سنين، ومنه قوله تعالى: ﴿ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ﴾ [يوسف: ٣٥] (١). على أن نهاية سجن يوسف بوقت خروجه.
٩ - حين: ابتداء القتال يوم بدر، ومنه قوله تعالى: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ﴾ [الصافات: ١٧٤]. على أن نهاية الاعراض عن المشركين بوقت الأمر بقتالهم.
الفوائد:
١ من فوائد الآية: الحذر من وقوع الزلل الذي يمليه الشيطان؛ لقوله تعالى: (فأزلهما الشيطان عنها).
٢ ومنها: أن الشيطان يغرّ بني آدم كما غرّ أباهم حين وسوس لآدم، وحواء، وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين، وقال: يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى؛ فالشيطان قد يأتي الإنسان، فيوسوس له، فيصغر المعصية في عينه؛ ثم إن كانت كبيرة لم يتمكن من تصغيرها؛ منّاه أن يتوب منها، فيسهل عليه الإقدام؛ ولذلك احذر عدوك أن يغرك.
٣ ومنها: إضافة الفعل إلى المتسبب له؛ لقوله تعالى: ﴿فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه﴾؛ وقد ذكر الفقهاء. ﵏. أن المتسبب كالمباشر في الضمان، لكن إذا اجتمع متسبب ومباشر تمكن إحالة الضمان عليه فالضمان على المباشر؛ وإن لم تمكن فالضمان على المتسبب؛ مثال الأول؛ أن يحفر بئرًا، فيأتي شخص، فيدفع فيها إنسانًا، فيهلك: فالضمان على الدافع؛ ومثال الثاني: أن يلقي شخصًا بين يدي أسد، فيأكله: فالضمان على الملقي. لا على الأسد.
٤ ومن فوائد الآية: أن الشيطان عدو للإنسان؛ لقوله تعالى: ﴿بعضكم لبعض عدو﴾؛ وقد صرح الله تعالى بذلك في قوله تعالى: ﴿إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًا﴾ (فاطر: ٦)
٥ ومنها: أن قول الله تعالى يكون شرعيًا، ويكون قدريًا؛ فقوله تعالى: ﴿يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها﴾: هذا شرعي؛ وقوله تعالى: ﴿وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو﴾: الظاهر أنه كوني؛ لأنه ﷾ يعلم أنه لو عاد الأمر إليهما لما هبطا؛ ويحتمل أن يكون قولًا شرعيًا؛ لكن الأقرب عندي أنه قول كوني. والله أعلم.
٦ ومنها: أن الجنة في مكان عالٍ؛ لقوله تعالى: ﴿اهبطوا﴾؛ والهبوط يكون من أعلى إلى أسفل.
٧ ومنها: أنه لا يمكن العيش إلا في الأرض لبني آدم؛ لقوله تعالى: ﴿ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين﴾؛ ويؤيد هذا قوله تعالى: ﴿فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون﴾ [الأعراف: ٢٥]؛ وبناءً على ذلك نعلم أن محاولة الكفار أن يعيشوا في غير الأرض إما في بعض الكواكب، أو في بعض المراكب محاولة يائسة؛ لأنه لابد أن يكون مستقرهم الأرض.
٨ ومنها: أنه لا دوام لبني آدم في الدنيا؛ لقوله تعالى: ﴿ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين﴾.
القرآن
﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (٣٧)﴾ [البقرة: ٣٧]
التفسير:
استقبل آدم دعوات من ربه وألهمه إياها، وهي قوله تعالى: ﴿رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [سورة الأعراف: ٢٣]، فدعاه بها، فتاب الله عليه، وغفر له ذنبه إنه تعالى هو التواب لمن تاب مِن عباده، الرحيم بهم.
قوله تعالى: ﴿فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ﴾ [البقرة: ٣٧]، " أي استقبل آدم دعوات من ربه ألهمه إياها فدعاه بها" (٢).
قال الطبري: أي: " فلقَّى الله آدمَ كلمات توبة، فتلقَّاها آدم من ربه وأخذها عنه تائبًا" (٣).
قال النسفي: " أي استقبلها بالأخذ والقبول والعمل بها. وفيه موعظة لذريتهما حيث عرفوا كيفية السبيل إلى التنصل من الذنوب" (٤).
(١) وانظر: الأشباه والنظائر: ٢٣٨، والوجوه والنظائر: ٣٥، وجوه القرآن: ٤٤، وإصلاح الوجوه: ١٤٩، وكشف السرائر: ٣٩٧.
(٢) صفوة التفاسير: ١/ ٤٤.
(٣) تفسير الطبري: ١/ ٥٤١.
(٤) تفسير النسفي: ١/ ٦٠.
2 / 198