La mère du roman: Les Mille et Une Nuits dans les littératures du monde et une étude en littérature comparée
الرواية الأم: ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية ودراسة في الأدب المقارن
Genres
حكاية دليلة المحتالة وبنتها زينب النصابة •••
يحتوى كتاب ألف ليلة وليلة على صور للحب والجنس في جميع أشكالهما، فقد سمح التنوع الشامل للقصص التي وردت على لسان شهرزاد، والزمان والمكان الواسعي النطاق مما تغطيه تلك الحكايات، بتبيان صور متعددة للحالات الغرامية والجنسية من كل ما عرفته النوازع الإنسانية.
فإذا نظرنا إلى الحكايات التي تتناول موضوعات الإيروسية والجنس، وقد أوردنا عاليه بعض الاقتباسات التي توضحها، لوجدنا أن القصص قد تناولت كثيرا موضوع الخيانة الزوجية، خاصة من جهة النساء، كما يبين من حادثتي زوجتي شهريار وشاه زمان، بالإضافة إلى القصص التي سيرد ذكرها في الفصل الخاص بحيل النساء ومكرهن.
وقد صورت بعض الحكايات الحب المثلي، كما في النوادر المحكية عن أبي نواس والغلمان المردة. وكذلك يبين اقتباس حسين الخليع نوعا من المثلية النسائية التي يدعوها العرب بالسحاق، وقد ورد ذكره في الأدب العربي القديم على نحو أقل بكثير من التغزل بالذكور. ويرد في قصة قمر الزمان والملكة بدور ذلك الموقف الفاحش الذي تخدع فيه الملكة زوجها وهي متنكرة في زى الرجال فيظنها من الرجال المثليين. كما لم تفت حكايات ألف ليلة ذكر مزدوجي الهوى الجنسي
BI-SEXUAL ، في شخصية الرجل «الذي يقطع الأنثى والذكر» ويحب التين كما يحب الرمان!
أما جنس المحارم فقد ورد في حكاية الصعلوك الأول المتفرعة من قصة الحمال والبنات، حين يحكي عن ابن عمه الذي حبس نفسه مع أخته في قبو بعد أن هام بها وهامت به، وكانت النتيجة أن «صارا فحما أسود وهما متعانقان كأنما ألقيا في جب نار.» ويشرح الأب ما حدث بقوله : «يا ابن أخي، ولدي هذا كان من صغره مولعا بحب أخته وكنت أنهاه عنها وأقول في نفسي: إنهما صغيران، فلما كبرا وقع بينهما القبيح وسمعت بذلك ولم أصدق، ولكني زجرته زجرا بليغا وقلت له: احذر من هذه الأفعال القبيحة التي لم يفعلها أحد قبلك ولا يفعلها أحد بعدك وإلا نبقى بين الملوك بالعار والنقصان إلى الممات، وتشيع أخبارنا مع الركبان. وإياك أن تصدر منك هذه الفعال فإني أسخط عليك وأقتلك، ثم حجبته عنها وحجبتها عنه. وكانت الخبيثة تحبه محبة عظيمة وقد تمكن الشيطان فيهما. فلما رآني حجبته، فعمل هذا المكان الذي تحت الأرض خفية ونقل إليه المأكول كما تراه واستغفلني لما خرجت إلى الصيد وأتى هذا المكان، فغار عليه وعليها الحق سبحانه وتعالى وأحرقهما، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى.»
وثمة حكاية أخرى بها ذلك النوع من الحب المحرم، في قصة قمر الزمان والملكة بدور، في شطرها الثاني، حين يتعلق فؤاد الملكة بدور بابن زوجها من الملكة حياة النفوس؛ الملك الأسعد، ويتعلق فؤاد الملكة حياة النفوس بابن زوجها من الملكة بدور؛ الملك الأمجد. وتنتهي تلك العواطف غير الطبيعية كالعادة نهايات مأساوية.
ويمثل اقتباس القرد، وثمة حكاية أخرى مع دب، ما يسمى بالجنس مع الحيوانات
BESTIALITY . ومن الجدير بالذكر أن كل أنواع هذه الأنشطة والمواقف الجنسية قد شاعت في الكتب الإيروسية في كل العصور، وخاصة في عصور ما بعد النهضة. وزادت الإيروسية الغربية أنواعا أخرى كالسادية والماسوشية، التي نراها في كثير من القصص والروايات الغربية التي ظهرت بعد ذلك. •••
وحين قام المستشرق الفرنسي «أنطوان جالان» بترجمة المخطوطات التي حصل عليها من قصص ألف ليلة وليلة، كان ذلك عام 1704م، في عصر الملك لويس الرابع عشر الذي يلقب بالملك الشمس، والذي بلغت فرنسا في عهده أوج ازدهارها الثقافي والحضاري. ورغم الحرية النسبية - من الناحية الأخلاقية - التي كان يعيش فيها الفرنسيون آنذاك، خاصة طبقة الأمراء والنبلاء، فلم يكن مسموحا بطبع شيء يتنافى مع الأخلاق والدين والعرف السائد أيامها. ولذلك فقد عمد جالان في ترجمته إلى حذف أو تغيير كل ما اعتبره خادشا للحياء أو خارجا عن حدود الأدب؛ أي كل شيء جنسي أو إيروسي. وهكذا، مثلا، نراه يتجنب وصف مشهد خيانة زوجة الملك شهريار الأولى مع العبد مسعود، ويكتفي بقول: «ولا يسمح لنا الحياء أن نقص كل ما حدث بين هؤلاء النسوة وأولئك العبيد، وهذا من التفاصيل التي لا حاجة لنا بها.» ويمضي جالان بنفس هذا الأسلوب التنقيحي في ترجمته، فنحن لا نجد فيها تفاصيل ما وقع بين الحمال والبنات الثلاث من أشعار ومداعبات وملاعبات إيروسية صرف وكلمات مكشوفة. وكان جالان يتدخل في السياق كما رأينا ليعلق على النصوص، ويحذف ما يتراءى له أنه غير مسموح به في المطبوعات التي تجاز للنشر في تلك الأيام.
Page inconnue