La mère du roman: Les Mille et Une Nuits dans les littératures du monde et une étude en littérature comparée
الرواية الأم: ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية ودراسة في الأدب المقارن
Genres
أما توماس دي كوينسي (1785-1859م) فله قصة طريفة مع ألف ليلة وليلة؛ فرغم أنه كان يتذكر حكاياتها وهو صغير بشيء من الرعب، فقد ذكر في سيرته الذاتية كيف أن صورة من صور حكاية علاء الدين والمصباح السحري قد أمدته بفكرة أساسية من نظريته بأن العالم يتألف من «تداعيات». والصورة جاءته من الساحر الأفريقي وهو يضع أذنه على الأرض كي يتسمع الخطى في آفاق الدنيا ليعرف في أي مكان يوجد الصبي الذي سيمكنه من العثور على المصباح السحري. فالساحر «يمتلك القدرة على قراءة حروف من الألفبائية جديدة ولا نهاية لها ... نبضات القلب، حركات الإرادة، خيالات الذهن، ويتعين عليه أن يعيدها في حروف هيروغليفية تنطق بها خطوات الصبي الطائرة.» وقد وجد دي كوينسي في تلك الصورة إلماحا بفكرة أن «كل شيء موجود في الدنيا له معنى وغرض، وأن أصغر شيء في الوجود لا بد أن يكون انعكاسا لأكبر شيء فيه.» وكان الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس هو من ذكر أن قصة علاء الدين لا تحتوي على هذا المشهد، وأن دي كوينسي لا بد أنه حلم به أو صوره له خياله، فصاغ من ذلك أفكارا أصيلة به، وأثرى كتاباته بها، وأنه - فوق كل شيء - أضاف بذلك بعدا جديدا على القصة الأصلية دخل في صلبها الأساسي.
وننتقل إلى السير والتر سكوت (1771-1832م)، الذي يعتبر أبا الرواية التاريخية. يذكر أندرو لانج في تعليقه على سلسلة روايات ويفرلي التي أرخ فيها سكوت لاسكوتلندا في قالب قصصي، كيف استعان سكوت بالليالي العربية في فكرة التسجيل الخيالي لعملية اندماج الاسكتلنديين، وهم شعب باترياركي وعسكري مثلهم في ذلك مثل عرب الصحراء، في خضم المجتمع التجاري والثقافي، على نحو مفاجئ. وترجع معرفة سكوت بألف ليلة وليلة إلى أيام صباه، حين كان متعودا على أن يقرأ منها على أفراد الأسرة. ورغم أن الإشارات إلى حكايات ألف ليلة تنتشر في كل مؤلفاته، فإن الرواية التي تعكس أثرا مباشرا للكتاب العربي هي روايته «الأثرى»
THE ANTIQUARIAN
من سلسلة روايات ويفرلي أيضا. ففيها نجد تأثيرات قصة النائم الذي استيقظ، التي تحيط بحبكة رواية سكوت وتأثيرها النفسي. أما روايته الأساسية «ويفرلي»، فهي منسوجة نسيجا عربيا خالصا، فكأنها البساط السحري الذي ورد ذكره في «حكاية الأمير أحمد وبري بانو»، وحوادثها تلقي ظلالها عليها أيضا. ففي الحكاية الألف ليلية، تقود عواطف رومانسية مجهولة كلا من الأمير أحمد والأميرة بري بانو إلى برية مجهولة ، حيث يكتشف كل منهما المقام السردابي لابنة أحد أقوى وأعتى ملوك الجان، والتي يبلغ من حسنها أن ينسى الأمير ذكرى أي حب له قبلها. وفي «ويفرلي»، يتبدى فنار مرتفعات اسكتلندا «كمركبة نارية يخترق بها الجني الشرير، في قصة شرقية، الأرض والبحر.» ويستمر النسج الشرقي في رواية سكوت حتى منتهاها، حين يشرف «فيرجس» على الموت ويفكر في شعبه الذي سيصبح بلا قائد، ولكنه يتبصر فيدرك أن ويفرلي لا يمكن أن تكون بالنسبة لعشيرته مجرد مغارة سحرية تنفتح بتعزيمة «افتح يا سمسم»! وحين أراد ناقد مجلة «الناقد البريطاني» الحديث عن رواية سكوت، خص بثنائه العناصر العربية في النسيج الروائي، ذاكرا أنها أنسب شيء للنمط الذي أراده المؤلف في تقديم اسكتلندا للإنجليز، قائلا في مقاله: «ينبغي لهذه القصة أن توضع في نفس مرتبة «مسامرات الليالي العربية» حيث الحكاية - وإن جذبت الانتباه أحيانا - ما هي إلا أقل أهمية بالقياس إلى الصورة الصادقة التي تقدمها لعادات الشرق وتقاليده.» ويبين الأستاذ كراكشيولو ببراعة أن ألف ليلة وليلة تعين القارئ على تفهم خصائص روايات سكوت التاريخية تفهما أفضل، من حيث النقاط التالية: (1)
الأمثلة التي يبدو فيها البناء القصصي مفككا بينما هو في الواقع شبكة معقدة من الإيحاءات والتوازنات والتناقضات. (2)
التنوع الشديد للمادة المتناولة. (3)
صهر أنواع أدبية مقتبسة من شتى المصادر مما يمكن من توسيع نطاق الشكل الروائي ذاته. (4)
الرجفة التي يخلقها وضع ما هو فوق الواقع إلى جوار المألوف اليومي. (5)
المزج الإبداعي بين الخيالي والواقعي الشامل لثقافات متتالية. (6)
المسافات الشاسعة التي يغطيها الرحالة في روايات سكوت. (7)
Page inconnue