La mère du roman: Les Mille et Une Nuits dans les littératures du monde et une étude en littérature comparée
الرواية الأم: ألف ليلة وليلة في الآداب العالمية ودراسة في الأدب المقارن
Genres
واندفع السلطان في التيار، وترك نفسه وراء إلهاماته وطفق القصص ينساب منه. كان يقص الحكايات كأنما هو إنسان أصابه مس. حكى قصصا طويلة تزخر بالفقر والظلم الاجتماعي وتعج بالشخصيات الحية، وتنضح بصخب وعجيج لندن في القرن التاسع عشر. ألم تكن تريد شخوصا؟ وجوا؟ .. بيد أن التعب انتابه من كل ذلك، فمال إلى قصص العاطفة والقوة والخيانة وسط الحقول ومذاود البقر. وغلب عليه التدفق الوهاج، فلم يعد يشعر بمن يصغي إليه. وفي مرة أو مرتين، حين توقف لالتقاط أنفاسه، لاحظ أن شهرزاد تنصت الآن وقد تبدت نظرة مختلفة في عينيها. فقال: صنف جيد. أليس كذلك؟ - لو كنت مكانك لما جربت وراء هذه الجدران القصة التي يعرض فيها الزوج زوجته في المزاد. لسوف ينقض عليك النقاد قذفا وتجريحا.
فعدل السلطان خططه مرة أخرى، وغاص في أعماق النفس الإنسانية الغامضة، وأصبح رجاله ونساؤه يفورون ويتعاركون ويشرحون.
وتساءلت شهرزاد: جنس مثلي؟ هذا شيء جديد علي.
ووافقها السلطان: وعلي كذلك. بيد أنه ملغز. ألا تعتقدين ذلك؟
وأصبح يشق البحار في السفن، ويجوب أقصى بقاع الأرض. وأصبح يحكي عن الحب والحرب والجريمة والعقاب. كان الأمر كما لو أن ثمة قوة قاهرة تدفعه. وحين يتطلع من وقت لآخر إلى زوجته كان يرى في وجهها النظرة الضارعة التي كان يعلم أنها ارتسمت ذات مرة في عينيه هو نفسه. ولكن لم يكن بمقدوره أن يتوقف. لم تكن ثمة رحمة لأي منهما، وكان عازما أن يمضي فيما يفعل إلى الأبد. وعندئذ، في فجر يوم من الأيام، دلف الأطفال مندفعين إلى الحجرة وتجمعوا عند طرف السرير. وقطع السلطان كلامه. وتصايح الأطفال، وهتف أحدهم كما يفعل الأطفال عادة: احكي لنا حكاية!
ونظر السلطان إلى شهرزاد. كان ثمة شعاع غريب يتراءى في عينيها. قالت: حسنا. اجلسوا في هدوء وسوف أبدأ.
وجلس الأطفال. واعتدل السلطان في مجلسه على الوسائد.
قالت شهرزاد: يحكى أنه كان هناك صياد فقير ...
المراجع المستخدمة في الكتاب
(1) نسخ ألف ليلة وليلة
Page inconnue