Les Principes Lumineux de Jurisprudence
القواعد النورانية الفقهية
Chercheur
د أحمد بن محمد الخليل
Maison d'édition
دار ابن الجوزي
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
1422 AH
ثُمَّ إِنَّ مِنَ الْفُقَهَاءِ مَنْ قَدْ يَقُولُ: التَّسْبِيحُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَهَذَا الْقَوْلُ يُخَالِفُ ظَاهِرَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ فَإِنَّ ظَاهِرَهُمَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الْفِعْلِ وَالْقَوْلِ جَمِيعًا، فَإِذَا دَلَّ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْقَوْلِ لَمْ يَمْنَعْ وُجُوبَ الْفِعْلِ
وَأَمَّا مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِ التَّسْبِيحِ فَيَسْتَدِلُّ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ [ق: ٣٩] [ق: ٣٩] وَهَذَا أَمْرٌ بِالصَّلَاةِ كُلِّهَا، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ ﵁ قَالَ: " «كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ ﷺ إِذْ نَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا، ثُمَّ قَرَأَ ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾ [ق: ٣٩]» .
وَإِذَا كَانَ اللَّهُ ﷿ قَدْ سَمَّى الصَّلَاةَ تَسْبِيحًا فَقَدْ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى وُجُوبِ التَّسْبِيحِ، كَمَا أَنَّهُ لَمَّا سَمَّاهَا قِيَامًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [المزمل: ٢] [الْمُزَّمِّلِ] دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْقِيَامِ، وَكَذَلِكَ لَمَّا سَمَّاهَا قُرْآنًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَقُرْآنَ الْفَجْرِ﴾ [الإسراء: ٧٨] [الْإِسْرَاءِ: ٧٨] دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْقُرْآنِ فِيهَا، وَلَمَّا سَمَّاهَا رُكُوعًا وَسُجُودًا فِي مَوَاضِعَ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيهَا.
وَذَلِكَ: أَنَّ تَسْمِيَتَهَا بِهَذِهِ الْأَفْعَالِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأَفْعَالَ لَازِمَةٌ لَهَا، فَإِذَا وُجِدَتِ الصَّلَاةُ وُجِدَتْ هَذِهِ الْأَفْعَالُ، فَتَكُونُ مِنَ الْأَبْعَاضِ اللَّازِمَةِ، كَمَا أَنَّهُمْ يُسَمُّونَ الْإِنْسَانَ بِأَبْعَاضِهِ اللَّازِمَةِ لَهُ
1 / 71