50

Les Principes Lumineux de Jurisprudence

القواعد النورانية الفقهية

Chercheur

د أحمد بن محمد الخليل

Maison d'édition

دار ابن الجوزي

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1422 AH

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ قَالَ: ﴿إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ﴾ [السجدة: ١٥] [السَّجْدَةِ] فَأَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا إِلَّا مَنْ سَجَدَ إِذَا ذُكِّرَ بِالْآيَاتِ وَسَبَّحَ بِحَمْدِ رَبِّهِ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ هِيَ تَذْكِيرٌ بِالْآيَاتِ، وَلِذَلِكَ وَجَبَ السُّجُودُ مَعَ ذَلِكَ، وَقَدْ أَوْجَبَ خَرُورَهُمْ سُجَّدًا وَأَوْجَبَ تَسْبِيحَهُمْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ التَّسْبِيحِ فِي السُّجُودِ، وَهَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الطُّمَأْنِينَةِ؛ وَلِهَذَا قَالَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَغَيْرُهُمْ: إِنَّ مِقْدَارَ الطُّمَأْنِينَةِ الْوَاجِبَةِ مِقْدَارُ التَّسْبِيحِ الْوَاجِبِ عِنْدَهُمْ. وَالثَّانِي: أَنَّ الْخُرُورَ هُوَ السُّقُوطُ وَالْوُقُوعُ، وَهَذَا إِنَّمَا يُقَالُ فِيمَا يَثْبُتُ وَيَسْكُنُ لَا فِيمَا لَا يُوجَدُ مِنْهُ سُكُونٌ عَلَى الْأَرْضِ؛ وَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ: ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ [الحج: ٣٦] وَالْوُجُوبُ فِي الْأَصْلِ هُوَ الثُّبُوتُ وَالِاسْتِقْرَارُ. وَأَيْضًا: فَعَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ ﵁ قَالَ: «لَمَّا نَزَلَتْ ﴿فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ [الواقعة: ٧٤] [الْوَاقِعَةِ] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " اجْعَلُوهَا فِي رُكُوعِكُمْ، وَلَمَّا نَزَلَتْ ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى﴾ [الأعلى: ١] قَالَ: اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكُمْ» " رَوَاهُ أبو داود، وَابْنُ مَاجَهْ. فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِجَعْلِ هَذَيْنِ التَّسْبِيحَيْنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَأَمْرُهُ عَلَى الْوُجُوبِ وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُوبَ رُكُوعٍ وَسُجُودٍ تَبَعًا لِهَذَا التَّسْبِيحِ، وَذَلِكَ هُوَ الطُّمَأْنِينَةُ.

1 / 70