374

Le perfectionnement dans les fondements des jugements

الإحكام في أصول الأحكام

Maison d'édition

المكتب الإسلامي

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

1402 AH

Lieu d'édition

(دمشق - بيروت)

وَأَمَّا الشُّرُوطُ الَّتِي ظُنَّ أَنَّهَا شُرُوطٌ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ.
فَشُرُوطٌ: مِنْهَا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ قَبُولِ الْخَبَرِ الْعَدَدُ، بَلْ يَكْفِي فِي الْقَبُولِ خَبَرُ الْعَدْلِ الْوَاحِدِ، خِلَافًا لِلْجُبَّائِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: لَا يُقْبَلُ إِلَّا أَنْ يُضَافَ إِلَيْهِ خَبَرُ عَدْلٍ آخَرَ، أَوْ مُوَافَقَةٌ ظَاهِرًا، وَأَنْ يَكُونَ مُنْتَشِرًا فِيمَا بَيْنَ الصَّحَابَةِ، أَوْ عَمَلَ بِهِ بَعْضُ الصَّحَابَةِ، وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ الْخَبَرُ فِي الزِّنَا إِلَّا مِنْ أَرْبَعَةٍ.
وَالْوَجْهُ فِي الِاحْتِجَاجِ وَالِانْفِصَالِ مَا سَبَقَ فِي مَسْأَلَةِ وُجُوبِ التَّعَبُّدِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ.
وَأَيْضًا فَلَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ الذُّكُورَةُ لِمَا اشْتُهِرَ مِنْ أَخْذِ الصَّحَابَةِ بِأَخْبَارِ النِّسَاءِ، كَمَا سَبَقَ بَيَانُهُ، وَلَا الْبَصَرُ، بَلْ يَجُوزُ قَبُولُ رِوَايَةِ الضَّرِيرِ إِذَا كَانَ حَافِظًا لِمَا يَسْمَعُهُ وَلَهُ آلَةُ أَدَائِهِ.
وَلِهَذَا كَانَتِ الصَّحَابَةُ تَرْوِي عَنْ عَائِشَةَ مَا تَسْمَعُهُ مِنْ صَوْتِهَا، مَعَ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَ شَخْصَهَا: وَلَا عَدَمُ الْقَرَابَةِ، بَلْ تَجُوزُ رِوَايَةُ الْوَلَدِ، وَبِالْعَكْسِ لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا عَدَمُ الْعَدَاوَةِ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الرِّوَايَةِ عَامٌّ، فَلَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ مُعَيَّنٍ، حَتَّى تَكُونَ الْعَدَاوَةُ مُؤَثِّرَةً فِيهِ، وَلَا الْحُرِّيَّةُ، بَلْ هَذِهِ الْأُمُورُ إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ.
وَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا فِي الرَّاوِي أَنْ يَكُونَ مُكْثِرًا مِنْ سَمَاعِ الْأَحَادِيثِ مَشْهُورَ النَّسَبِ، لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَى قَبُولِ رِوَايَةِ مَنْ لَمْ يَرْوِ سِوَى خَبَرٍ وَاحِدٍ وَعَلَى قَبُولِ رِوَايَةِ مَنْ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ، إِذَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى الشَّرَائِطِ الْمُعْتَبَرَةِ.
وَلَا يُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا عَالِمًا بِالْعَرَبِيَّةِ وَبِمَعْنَى الْخَبَرِ.
وَسَوَاءٌ كَانَتْ رِوَايَتُهُ مُوَافِقَةً لِلْقِيَاسِ أَوْ مُخَالِفَةً خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِيمَا يُخَالِفُ الْقِيَاسَ، لِقَوْلِهِ ﷺ: " «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا» " إِلَى قَوْلِهِ: " «فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ» " دَعَا لَهُ وَأَقَرَّهُ عَلَى الرِّوَايَةِ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُولَ الْقَوْلِ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ، وَلِأَنَّ الصَّحَابَةَ سَمِعُوا أَخْبَارَ آحَادٍ لَمْ يَكُونُوا فُقَهَاءَ كَمَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ، وَلِأَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى خَبَرِ النَّبِيِّ ﷺ.
وَالظَّاهِرُ مِنَ الرَّاوِي إِذَا كَانَ عَدْلًا مُتَدَيِّنًا أَنَّهُ لَا يَرْوِي إِلَّا مَا يَتَحَقَّقُهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي سَمِعَهُ.

2 / 94