Le perfectionnement dans les fondements des jugements
الإحكام في أصول الأحكام
Maison d'édition
المكتب الإسلامي
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1402 AH
Lieu d'édition
(دمشق - بيروت)
Genres
Usul al-fiqh
وَعَلَى كِلَا التَّقْدِيرَيْنِ، فَالشَّهَادَةُ وَالرِّوَايَةُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ لَا تَكُونُ مَرْدُودَةً أَمَّا بِتَقْدِيرِ الْإِصَابَةِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا بِتَقْدِيرِ الْخَطَأِ مَعَ الِاجْتِهَادِ فَبِالْإِجْمَاعِ.
وَإِذْ أَتَيْنَا عَلَى مَا أَرَدْنَاهُ مِنْ بَيَانِ عَدَالَةِ الصَّحَابَةِ، فَلَا بُدَّ مِنَ الْإِشَارَةِ إِلَى بَيَانِ مَنْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّحَابِيِّ.
[الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ الخلاف فِي مُسَمَّى الصَّحَابِيِّ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ
اخْتَلَفُوا فِي مُسَمَّى الصَّحَابِيِّ: فَذَهَبَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّ الصَّحَابِيَّ مَنْ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَصَّ بِهِ اخْتِصَاصَ الْمَصْحُوبِ، وَلَا رَوَى عَنْهُ، وَلَا طَالَتْ مُدَّةُ صُحْبَتِهِ.
وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّ الصَّحَابِيَّ إِنَّمَا يُطْلَقُ عَلَى مَنْ رَأَى النَّبِيَّ ﷺ وَاخْتَصَّ بِهِ اخْتِصَاصَ الْمَصْحُوبِ، وَطَالَتْ مُدَّةُ صُحْبَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْوِ عَنْهُ.
وَذَهَبَ عَمْرُو بْنُ يَحْيَى إِلَى أَنَّ هَذَا الِاسْمَ إِنَّمَا يُسَمَّى بِهِ مَنْ طَالَتْ صُحْبَتُهُ لِلنَّبِيِّ ﷺ وَأَخَذَ عَنْهُ الْعِلْمَ.
وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَإِنْ كَانَ آيِلًا إِلَى النِّزَاعِ فِي الْإِطْلَاقِ اللَّفْظِيِّ، فَالْأَشْبَهُ إِنَّمَا هُوَ الْأَوَّلُ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ.
الْأَوَّلُ: أَنَّ الصَّاحِبَ اسْمٌ مُشْتَقٌّ مِنَ الصُّحْبَةِ، وَالصُّحْبَةُ تَعُمُّ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ، وَمِنْهُ يُقَالُ صَحِبْتُهُ سَاعَةً، وَصَحِبْتُهُ يَوْمًا وَشَهْرًا، وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا يُقَالُ: فُلَانٌ كَلَّمَنِي وَحَدَّثَنِي وَزَارَنِي، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُكَلِّمْهُ وَلَمْ يُحَدِّثْهُ وَلَمْ يَزُرْهُ سِوَى مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ.
الثَّانِي: أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَصْحَبُ فُلَانًا فِي السَّفَرِ، أَوْ لَيَصْحَبَنَّهُ، فَإِنَّهُ يَبَرُّ وَيَحْنَثُ بِصُحْبَتِهِ سَاعَةً.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: صَحِبْتُ فُلَانًا، فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: صَحِبْتُهُ سَاعَةً أَوْ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، وَهَلْ أَخَذْتَ عَنْهُ الْعِلْمَ وَرَوَيْتَ عَنْهُ، أَوْ لَا، وَلَوْلَا أَنَّ الصُّحْبَةَ شَامِلَةٌ لِجَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ، وَلَمْ تَكُنْ مُخْتَصَّةً بِحَالَةٍ مِنْهَا، لَمَا احْتِيجَ إِلَى الِاسْتِفْهَامِ (١) .
(١) قَدْ يُقَالُ لَوْ كَانَتِ الصُّحْبَةُ شَامِلَةً لِجَمِيعِ هَذِهِ الصُّوَرِ لَمَا احْتِيجَ أَيْضًا إِلَى اسْتِفْهَامٍ
2 / 92