Les Réponses Suffisantes aux Questions de Damas
الأجوبة الكافية عن الأسئلة الشامية
Maison d'édition
مطبعة السعادة بمصر
Genres
(١) قوله: بل سبب تأخرهم ... إلخ، هذا قول حق لا مرية فيه والعيان أقوى برهان ألا ترى أفعال المسلمين أعني منهم الجم الغفير من مأمور وأمير أغلبها منابذة للشريعة، وإن نظرت إلى التآلف فيما بينهم وجدتهم في غاية من القطيعة، وأما حالة حكامنا فقد كنا أدركنا أواخرها وأخبرنا الآباء والتواريخ عما قبلها وما كانوا عليه من الاستبداد وإهلاك الحرث والنسل والفساد فكيف مع ما ذكر يتعجب من زوال ملكهم، بل العجب من عدم حلول الخسف بهم سأل بعض قواد المأمون أحد الزهاد كم تبقى هذه الدولة فينا فقال له: ما دام بساط العدل في هذا الإيوان إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فلذا سلط الله عليهم من أزال دولتهم وأخمد صولتهم حيث لم يحسنوا تدبير العباد والبلاد أعطيت ملكا فلم أحسن سياسيته ... وكل من لا يسوس الملك يخلعه وسأل بعض ملوك الفرس حكيما ما صلاح الملك فقال: الرفق بالرعية وأخذ الحق منها بغير عنف، والتودد إليها بالعدل وأمن السبل وإنصاف المظلوم، وهذه كلها قام بها الغربيون فتقدموا وملكوا العباد والبلاد من غير كبير عناء ولا جهاد وهذه عادة الله مع الصلح في هذه الدار ولو كان من أعداء دينه الكفار، وقيل: إن الملك يدوم مع الكفر والعدل ما لا يدوم مع الإسلام والجور، وعليه قولهم العدل إذا دام عمر والجور إذا دام دمر، وما فرقوا في ذلك بين من جرى ذلك على يديه بإسلام أو كفر عدوا أو حبيبا، بل المدار على تنظيم أهل هذه الدار، وإن كان في الآخرة ماله من نصيب قال تعالى ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾، وقال تعالى: ﴿فذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَل لَا يَشْعُرُونَ﴾. وفي الإبريز أن الكفار عليهم حفظة من الملائكة يديرون أمرهم منذ نشأوا إلى أن ينقرضوا وتجرى لهم على أيدي الأولياء الأمور التي بها بقاؤهم وداوم عيشتهم، ولا يجوز لعالم الملائكة أن يتصرف فيهم بما تطيقه قوته دونهم، وكذا الولي حتى إذا كان في صف القتال، فإنما يقاتلهم بما جرت به عادة القتال اقتداء برسول الله ﷺ؛ لأن قتالهم بغير ما في وسعهم خروج في الحقيقة عن عالم البشر وإن مكنه الله من أن يهلك في لحظة البرق ا. هـ. ولهذا المحققون على أن مدد الملائكة له ﵊ كان لتكثير سوادهم فقط ﴿ولو شاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض﴾ وبالجملة فما دام المسلمون راتعين في دمن السقوط لا يجدون وليا ولا نصيرا سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا، وكما قال جل شأنه في بني إسرائيل ﴿وقضينا إلى بني إسرائيل﴾ (أي أوحينا وأعلمنا) ﴿لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا﴾ ﴿فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عباد لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا﴾ ﴿ثم رددنا لكم الكرة عليهم وأمددناكم بأموال وبنين وجعلناكم أكثر نفيرا﴾ ﴿إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن سألتم فلها فإذا جاء وعد الآخرة ليسوؤوا وجوهكم وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا﴾ ﴿عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا﴾ أي ولمن عصى من المسلمين إن لم يتوبوا ولم يرحم رب العالمين، روي أن من عصاة المسلمين من يمكث في جهنم خمسين ألف سنة اللهم أجرنا من سخطك وعقابك بجاه أحبابك
1 / 131