حزني عليه لموته ولكن لما فرغت من دفنه سمعت صيحة من قبره وهو يقول أواه ولا أدري في الثانية أو الثالثة فنبشته حتى بلغت قريبا من اللبن فإذا طوق من نار في كفنه وفي وسطه فأدخلت يدي رجاء أن أقطع ذلك الطوق فأحرقت أصابعي فبادرت إحراقها فإذا يده قد احترقت.
قال: قلت للأوزاعي هؤلاء اليهود والنصارى يموت الميت منهم فلا يسمع هذا منهم فقال إن اليهود والنصارى لا يشك أنهم صاروا إلى النار وهذا يريد الله أن يعظكم في ملتكم.
وروى ابن أبي الدنيا من طريق عمر بن هارون١، عن عبد الحميد بن محمود المعولي قال كنت جالسا عند ابن عباس فأتاه قوم فقالوا إنا خرجنا حجاجا ومعا صاحب لنا حتى أتينا ذات الصفاح فمات فهيأناه ثم انطلقنا فحفرنا له قبرا ولحدنا له لحدا فلما فرغنا من لحده إذا نحن بأسود قد ملأ اللحد فحفرنا له آخر فإذا به قد ملأ لحده فحفرنا آخر فإذا به قد ملأه فتركناه وأتيناك فقال ابن عباس ﵄ ذلك عمله الذي يعمل به انطلقوا فادفنوه في بعضها فلما رجعنا قلنا لامرأته ما كان عمله ويحك قالت كان يبيع الطعام فيأخذ كل يوم قوت أهله ثم يقرظ القصب مثله فلقيه فيه.
وروى الهيثم بن عدي حدثنا أبان بن عبد الله البجلي قال هلك جار لنا فشهدنا غسله وكفنه وحمله إلى قبره وإذا شيء في قبره شبيه بالهرة فزجرناه فلم ينزجر فضرب الحفار جبهته ببيرمة فلم يبرح فتحولنا إلى قبر آخر فلما ألحدوا فإذا فيه فصنعنا به مثل ما صنعوا أولا فلم يلتفت فقال بعض القوم يا هؤلاء إن هذا فيه فصنعنا به مثل ما رأينا مثله فادفنوا صاحبكم فلما سوي عليه اللبن سمعوا قعقعة عظامه فذهبوا إلى امرأته فقالوا يا هذه ما كان يعمل زوجك وحدثوها بما رأوه فقالت لا يغتسل من الجنابة.
قال أبو الحسن بن البراء حدثني عبد الله بن محمد المدني قال كان لي صديق،
_________
١ عمر بن هارون قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب "ت ٥٥٩٥": متروك، وكان حافظا فالسند ضعيف جدا.
1 / 66