وأخيرا بدا لهم أن يتفقوا على تركيز قواهم بالتوقيت الموسيقي المألوف لدى العمال أو الحمالين من بني الإنسان، عندما يرغبون في رفع شيء ثقيل يحتاج إلى مجهود عظيم موحد، وهو قولهم: هيلا ليصا! هيلا هب!
وجربوا هذه الطريقة أيضا فلم يفلحوا، ولما يئسوا من النجاح، ذهب كل منهم في سبيله، وبقيت المركبة تنتظر من يجرها. •••
وإن لم تكن - يا قارئي العزيز - قد أدركت إلى الآن سبب إخفاق هذه الجماعة؛ فإني أخبرك أنه يعود إلى اختلاف عناصر أفرادها، وتنافر طباعهم.
ذلك لأنه بينما كان الفار يجر المركبة متجها إلى الأمام، كانت الوزة تطير فتجرها إلى فوق، والسمكة تغوص فتجرها إلى تحت، والحنجل يتقهقر إلى خلف كعادته؛ لأنه لا يمشي إلا إلى الوراء، فيجرها معه في اتجاه معاكس لاتجاه الفار.
الغنم والذئاب
منذ الأزمنة المتغلغلة في القدم، والصراع قائم بلا هوادة بين قبائل الغنم وعشائر الذئاب.
وكانت كفة الظفر - دائما أبدا - راجحة في ناحية الذئاب المفترسة، التي لا نفع منها يرتجى؛ ذلك لأن الطبيعة العمياء قد سلحتها اعتباطا بأفضل معدات الهجوم والدفاع، بينما حرمت الغنم الوادع، النافع بصوفه ولبنه ولحمه، معدات الهجوم، ولم تزوده إلا بأضعف معدات الدفاع.
ولما ضاقت الغنم ذرعا بهذا الظلم الصارخ، التجأت إلى الزعماء والرؤساء، تطلب العون والتدبير لوضع حد لهذه الحال؛ التي لا يصح السكوت عليها.
وأظهر الزعماء اهتمامهم بالأمر، وعطفهم على هذه القضية، واجتمعوا وتشاوروا وتباحثوا وتناقشوا، وبعد اللتيا والتي تمكنوا من جعل رؤساء عشائر الذئاب يرضون بحضور مجلسهم للاستئناس برأيهم؛ إذ من العدل والإنصاف أن نعترف بما لبعضهم من العواطف الطيبة، والزهد في لحوم الضأن، إلا عندما يعضهم الجوع بأنيابه.
وانعقدت الجلسة بحضور نواب الطرفين المتنازعين، وأدلى كل برأيه، وبعد الأخذ والرد تقرر بالإجماع الموافقة على سن قانون اقترحه زعماء الذئاب.
Page inconnue