Les Contes du village : Histoires et Souvenirs
أحاديث القرية: أقاصيص وذكريات
Genres
أما خوري الضيعة فكان يؤمن بإعجاب على كل ما قاله الشدياق ويتحسر في قلبه على قيراط من مثل فصاحته النادرة، ثم يقول للذين حوله: هذا رجل قديس، المثل الصالح أبلغ واعظ، وشدياقنا طاهر نقي مثل الآباء الأبرار.
وقبل أن يتوغل الشدياق في موعظته دخل المغترب الخواجه توما فهمس بعضهم: جا، جا.
وظل سمع الشدياق صادقا. فسأل: منو جا؟ فخبروه. والتفت الشدياق فرآه فهتف بلا شعور: بسم الأب والابن والروح القدس. هذا هو. لا ينقصه إلا الذنب.
وتقدم منه الخواجة توما بزيه الفرنجي الذي لم تر الضيعة مثله من قبل؛ لأنه أول من هاجر وعاد، فكاد الشدياق يتراجع لو استطاع ولكن الجدار خلفه، وسلم توما سلام الأمير كان فكاد يخلع يد الشدياق الهزيلة. لم يرق للشدياق ذلك السلام الخارج عن حظيرة الاحترام التي أقامتها القرية حول شدياقها، ولكن كل شيء مر بسلام. وقعد المستر توما قعدة بلادنا، جلس على طراحة في صدر الحلقة فتضايق وكاد بنطلونه ينشق، فقام ابن عم له وبنى له مقعدا من المساند والمخدات، والشدياق ينظر وقد غاظه خروج المساند من صفها. ولا سيما أن الخواجة توما جلس ولم يحتف كالآخرين. ما خلع نعليه حين داس البلاس الذي يصلي عليه الشدياق ويقبله مرات حين يسجد. وزادت في الطين بلة، حركات توما الغريبة الدار. لم تعجب الشدياق حركات توما وسكناته، وكان يجن حين يسمع منه بعض ألفاظ أميركية مثل: يس، وتنكيو، وفاري كود، وغود نايت وغيرها. ولكنه احتمل ذلك وهو يتمتم: مع آلامك يا يسوع. ما صبر الشدياق هذا الصبر إلا ليسمع من المستر توم أخبارا جديدة بلغته عنه: فقال الشدياق: توماه، أية ساعة جئت. - أمس الظهر يا عمي.
فأجاب الشدياق: لا تؤاخذني، ما قمت بالواجب. عذري واضح ومقبول. - يس، يس القصد مشاهدتك. الحمد لله شاهدناك بخير. - كيف تركت جماعتنا؟ - الجميع بخير، يسلمون عليك.
فنكزه واحد ووشوشه: قل ويقبلون أياديك الطاهرة، ففتح توما فاه ليقولها، ولكن السبق كان للشدياق الذي قال: وكيف أحوالهم الروحية والمادية. - بألف خير صاروا شبعانين كلهم.
وسكت الشدياق وهز برأسه، وظل يحرك شفتيه، ولكنه لم يقل شيئا.
وأشار أحدهم على توما أن يخبر الشدياق عن الموارنة ويطريهم ففعل، فقال الشدياق: ما داموا متمسكين بمارونيتهم لا خوف عليهم. - يس، عندنا كل شيء، كنائس، مدارس، خوارنة، إذا رأيتهم حسبت أنك في لبنان. - عال، عال.
وانقشعت الغمامة عن وجه الشدياق وأخذ يتغنى متهللا بنشيد مار مارون الذي يعرفه كل قروي، فسانده الجمهور في تلك الرحلة الشاقة إلا توما فكان مثل الأطرش في الزفة.
وما انتهى الشدياق من نشيده حتى فتح توما فمه ليحكي، فأومأ إليه الشدياق بجمع كفه أن يمهله ليأخذ النفس. وأخيرا قال توما: سمعتك عند وصولي تحكي عن الميلاد، آه يا عمي لو عينك تنظر هذه الليلة في النايرك، هذي عندنا في النايرك وفي أوروبا ليلة عظيمة جدا. أحسن الهدايا تقدم للأولاد، سي، الأغنياء يعطون الأولاد الفقراء كل شيء، المأكولات الملبوس، اللعب. آه لو عينك تنظر يا عمي، كل بيت يعمل شجرة تكلفه المبلغ المرقوم، وفي هذه الشجرة أشكال وألوان. ثم هز توم رأسه وعامت على فمه لفظة فاري كود الكرسموس في أماركا.
Page inconnue