قال المدائني واجتمع أهل المدينة لإخراج بني أمية عنها فأخذوا عليهم العهود ألا يعينوا عليهم الجيش وأن يردوهم عنهم فإن لم يقدروا على ردهم لا يرجعوا إلى المدينة معهم فقال لهم عثمان بن محمد بن أبي سفيان أنشدكم الله في دمائكم وطاعتكم فإن الجنود تأتيكم وتطؤكم وأعذر لكم ألا تخرجوا أميركم إنكم إن ظفرتم وأنا مقيم بين أظهركم فما أيسر شأني وأقدركم على إخراجي وما أقول هذا إلا نظرا لكم أريد به حقن دمائكم فشتموه وشتموا يزيد وقالوا لا نبدأ إلا بك ثم نخرجهم بعدك فأتى مروان عبد الله بن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن إن هؤلاء القوم قد ركبونا بما ترى فضم عيالنا فقال لست من أمركم وأمر هؤلاء في شيء فقام مروان وهو يقول قبح الله هذا أمرا وهذا دينا ثم أتى علي بن الحسين عليهما السلام فسأله أن يضم أهله وثقله ففعل ووجههم وامرأته أم أبان بنت عثمان إلى الطائف ومعها ابناه عبد الله ومحمد فعرض حريث رقاصة وهو مولى لبني بهز من سليم كان بعض عمال المدينة قطع رجله فكان إذا مشى كأنه يرقص فسمي رقاصة لثقل مروان وفيه أم عاصم بنت عاصم ابن عمر بن الخطاب فضربته بعصا فكادت تدق عنقه فولى ومضى ومضوا إلى الطائف وأخرجوا بني أمية فحس بهم سليمان بن أبي الجهم العدوي وحريث رقاصة فأراد مروان أن يصلي بمن معه فمنعوه وقالوا لا يصلي والله بالناس أبدا ولكن إن أراد أن يصلي بأهله فليصل فصلى بهم ومضى فمر مروان بعبد الرحمن بن أزهر الزهري فقال له هلم إلي يا أبا عبد الملك فلا يصل إليك مكروه ما بقي رجل من بني زهرة فقال له وصلتك رحم قومنا على أمر فأكره أن أعرضك لهم وقال ابن عمر بعد ذلك لما أخرجوا وندم على ما كان قاله لمروان لو وجدت سبيلا إلى نصر هؤلاء لفعلت فقد ظلموا وبغي عليهم فقال ابنه سالم لو كلمت هؤلاء القوم فقال يا بني لا ينزع هؤلاء القوم عما هم عليه وهم بعين الله إن أراد أن يغير غير قال فمضوا إلى ذي خشب وفيهم عثمان بن محمد بن أبي سفيان والوليد بن عتبة بن أبي سفيان واتبعهم العبيد والصبيان والسفلة يرمونهم ثم رجع حريث رقاصة وأصحابه إلى المدينة وأقامت بنو أمية ب ذي خشب عشرة أيام وسرحوا حبيب بن كرة إلى يزيد بن معاوية يعلمونه وكتبوا إليه يسألونه الغوث وبلغ أهل المدينة أنهم وجهوا رجلا إلى يزيد فخرج محمد بن عمرو بن حزم ورجل من بني سليم من بهز وحريث رقاصة وخمسون راكبا فأزعجوا بني أمية منها فنخس حريث بمروان فكاد يسقط عن ناقته فتأخر عنها وزجرها وقال اعلي واسلمي فلما كانوا بالسويداء عرض لهم مولى لمروان فقال جعلت فداك لو نزلت فأرحت وتغديت فالغداء حاضر كثير قد أدرك فقال لا يدعني رقاصة وأشباهه وعسى أن يمكن الله منه فتقطع يده ونظر مروان إلى ماله ب ذي خشب فقال لا مال إلا ما أحرزته العياب فمضوا فنزلوا حقيلا أو وادي القرى وفي ذلك يقول الأحوص
( لا ترثين لحزمي رأيت به
ضرا ولو سقط الحزمي في النار )
( الناخسين بمروان بذي خشب
والمقحمين على عثمان في الدار )
Page 31