تمتمت وأنا شارد الوعي: آه ... ربما ... من يدري، ولكنه ما كان يكتب الرسالة لولا.
فقال عم أحمد بنبرة من يعتبر المسألة منتهية: ربنا يلطف بكم. - يجب أن أذهب إلى حلوان. - لقد سبقك سرحان بك الهلالي.
رحلة عقيمة وأليمة! لا توجد إلا الرسالة، أما عباس فقد اختفى؛ مضى من الاختفاء الأول إلى الاختفاء الجديد. لن يعترف بانتحاره إلا إذا عثر على الجثة، ولكن لم يكتب ما كتب إن لم يكن قد عقد العزم حقا على الانتحار؟
وتساءل الهلالي: إذا كان يريد الانتحار حقا، فلم لم ينتحر في حجرته؟ - أيداخلك شك في صدقه؟
فأجاب ببساطة: أجل!
رجعت إلى البيت القديم مساء، فلم أجد حليمة؛ أدركت أنها ذهبت إلى المسرح مستطلعة أسباب تأخري. أغلقت المقلى الخالية، وجلست في الصالة أنتظر، وبعد مضي ساعة ثقيلة رجعت بعينين مترعتين بالجنون. تبادلنا النظر ثواني، ثم هتفت: كلا ... لو أراد أن ينتحر لانتحر بالفعل ... لا يمكن أن ينتحر.
وانحطت على الكنبة، وأجهشت في البكاء، وهي تلطم خديها.
حليمة الكبش
أولد من جديد، من جوف السجن إلى سطح الأرض، ويهل علي وجه عباس فأحتويه بين ذراعي، أدفن وجهي في صدره مثقلة بالعار والخجل. همست: شد ما أسأنا إليك؛ ليت الموت أراحك منا.
قال برقة: ما يسيئني إلا كلامك.
Page inconnue