Synchronique
وهي المتعلقة بالتركيب الثابت للمعاني والرموز، وتطورية
évolutive
أو تعاقبية
diachronique
وتتعلق بما يطرأ على التراكيب والعلاقات اللغوية من تطورات، وعلى الرغم من أن «دي سوسير» لم يتجاهل المحور الثاني الذي يتضمن فكرة الزمان والتاريخ، فإنه أدخله في سياق أوسع. وكان أكثر اهتماما بالمحور الأول؛ أي بالبحث في الثوابت اللغوية التي تعبر عن بناءات لا يؤثر عليها التطور؛ لأنها جزء من التركيب الأصلي لمفهوم «اللغة» بوصفها وسيلة للتعبير الرمزي عن المعاني، وبالمثل كان ميدان «الأنثولوجيا
Ethnologie »
10
ميدانا آخر مفضلا لدى البنائيين؛ لأنه يتعلق بشعوب بدائية؛ أعني بما يمكن أن يوصف بأنه شعوب بلا تاريخ، مادام التطور يكاد يكون غير ملحوظ بين هذه الجماعات؛ ومن هنا كان نجاح البنائية في كشف الأنساق الثابتة في هذا الميدان، وعجزها عن تطبيق منهجها هذا على الجماعات البشرية الحديثة التي هي مجتمعات موجودة «في التاريخ»؛ ففي الشعوب البدائية تحل الأسطورة محل التاريخ، ومن سمات الأسطورة أن التعاقب الزمني لا يؤدي فيها وظيفة ذات بال، بل إن الأسطورة ذاتها إذا طرأ عليها تطور خلال الزمان فإن القديم فيها يتعايش مع الحديث كما تتعايش حفريتان تنتميان إلى عصور مختلفة؛ ولذلك كان الميدان المفضل للبحث في المبادئ الأساسية للعقل الإنساني - عند البنائية - هو الأساطير البدائية الساكنة، المعبرة عن العقل في ثباته وفي سماته الجذرية. (3)
والواقع أن البنائية - في معارضتها للنزعة التاريخية - قد استهدفت إحداث تغيير منهجي حاسم في العلوم الإنسانية. ويمكن القول: إن هذا التغيير يماثل - من وجهة نظرها الخاصة - ذلك الانقلاب الأساسي الذي طرأ على العلوم الطبيعية حين تخلت - في أوائل العصر الحديث - عن الطريقة الكيفية في فهم ظواهر العالم الطبيعي، واستعاضت عنها بالطريقة الكمية، فهناك أوجه شبه متعددة بين الهدف الذي تسعى البنائية إلى تحقيقه في ميدان دراسة الإنسان، وذلك الذي حققته العلوم الطبيعية في تلك المرحلة الانتقالية الحاسمة من تاريخها: (أ)
Page inconnue