تعصبا شَدِيدا حَتَّى أفْضى ذَلِك إِلَى نهب أهل الكرخ وإحراق بعض مساكنهم فَغَضب الْوَزير عضبا شَدِيدا وَلم يسْتَطع الْمُكَافَأَة إِذا ذَاك فَحَمله ذَلِك على مُكَاتبَة التتر وترغيبهم فِي بَغْدَاد وتسهيل الْأَمر عَلَيْهِم فَأقبل هولاكو ملك التتر وَمَعَهُ جَيش من التتر عَظِيم فوصلوا بَغْدَاد وَأَحَاطُوا بهَا من جَمِيع جوانبها وَمَا زَالَ الْوَزير يخدع الْخَلِيفَة وَيفرق جيوشه ويحول بَينه وَبَين الحزم حَتَّى أعيته الْحِيلَة وَتمكن الْعَدو فَخرج عَن ذَلِك الْوَزير إِلَى التتر وَقد تقدم بَينهم من الْمُكَاتبَة مَا فِيهِ حُرْمَة وَذمَّة وتكفل لَهُم بإقاع الْخَلِيفَة وأعيان الْمحل فِي أَيْديهم يَقْتُلُونَهُمْ كَيفَ شاؤوا ثمَّ دخلوهم بَغْدَاد بعد ذَلِك ثمَّ رَجَعَ إِلَى الْخَلِيفَة وَأخْبرهُ أَن سُلْطَان التتر لَا يُرِيد استئصاله وَلَا نزع يَده من الْخلَافَة وَلَيْسَ لَهُ رَغْبَة إِلَى ذَلِك بل مُرَاده أَن يكون متصرفا عَن أَمر الْخَلِيفَة كَمَا كَانَ يتَصَرَّف عَن أَمرهم الْمُلُوك الحمدانية والبويهية والسلجوقية وَأَنه يُرِيد أَن يتَزَوَّج ابْن الْخَلِيفَة بابنته وَمَا زَالَ يخدع الْخَلِيفَة ويفتل مِنْهُ فِي الذرْوَة وَالْغَارِب حَتَّى أسعده وَمَال إِلَى مقاله وَقَالَ لَهُ يخرج هُوَ وأعيان الْبَلَد لعقد النِّكَاح فَخرج الْخَلِيفَة وأخوته وَأَوْلَاده وأعمامه وأمراؤه وأعيان بَغْدَاد من كل طبقَة من الطَّبَقَات الَّتِي تتصل بالخليفة وَكَانَ الَّذِي عين الخارجين وَسَمَّاهُمْ هُوَ الْوَزير الْمَذْكُور فَلم يدع أحدا من أَرْكَان الدولة يخْشَى مِنْهُ وَلَا سِيمَا من كَانَ متعصبا على الشِّيعَة كالأمير مُجَاهِد الدّين الدويدار فَإِنَّهُ جعلهم فِي أول الخارجين لشهود العقد وَقد كَانَ أبرم هُوَ وسلطان التتر أَنه سيجعله وزيرا كَمَا كَانَ مَعَ الْخَلِيفَة العباسي فَلَمَّا خرج أُولَئِكَ الْأَعْيَان والخليفة قَتلهمْ التتر جَمِيعًا ثمَّ دخلُوا بَغْدَاد فَقتلُوا من بهَا من الطَّائِفَتَيْنِ لم يبقوا على شيعي وَلَا سني وَكَانَ جملَة الْقَتْلَى كَمَا نَقله كثير من ثِقَات المؤرخين ثَمَانِيَة عشر لكا عَن ألف قَتِيل وثماني مائَة ألف قَتِيل
1 / 94