فيا هَذَا الْجَاهِل لَا كثر الله فِي أهل الْعلم من أمثالك أَلا تعتصر على مَا قد عَرفته من كَلَام من تقلده فَإِذا سَأَلَك سَائل عَن شَيْء مِنْهُ نقلته لَهُ بنصه وَإِن سَأَلَك عَمَّا لم يكن مِنْهُ قلت لَا أَدْرِي فَمَا بالك وَالْكَلَام بِرَأْيِك وَأَنت جَاهِل لعلم الرَّأْي فضلا عَن علم الرِّوَايَة وعاطل عَن كل مَعْقُول ومنقول لم تحط من علم الْفِقْه الَّذِي أَلفه أهل مذهبك إِلَّا بمختصر من المختصرات فضلا عَن مؤلفات غير أهل مذهبك فِي الْفِقْه فضلا عَن المؤلفات فِي سَائِر الْعُلُوم فَأَنت من عَلَامَات الْقِيَامَة وَمن دَلَائِل رفع الْعلم وَقد أخبرنَا رَسُول الله ﷺ عَنْك وَعَن أمثالك وَأَبَان لنا أَنه يتَّخذ النَّاس رؤوسا جُهَّالًا فيفتون بِغَيْر علم فيظلون ويضلون فَأَنت مِمَّن يُفْتِي بِغَيْر علم ويعتمد الضَّلَالَة لنَفسِهِ والإضلال للنَّاس فاربع على ظلعك وأقصر من غوايتك واترك مَا لَيْسَ من شَأْنك ودع مثل هَذَا لمن علمه الله الْكتاب وَالسّنة وأطلعه على أسرارها بِمَا فتح لَهُ من المعارف الموصلة إِلَيْهِمَا فَأَنت وَإِن وكلت الْأَمر إِلَى أَهله وألقيت عنان هَذَا الْمركب إِلَى فارسه دخل إِلَى الشَّرْع من أبوابه وَوصل إِلَى الْحق من طَرِيقه وَحط عَن عباد الله كثيرا من هَذِه التكاليف الَّتِي قد كلفهم بهَا أمثالك من الْجُهَّال وأراحهم من غَالب هَذِه الأكاذيب الَّتِي يسمونها علما فَإِن ذَلِك شَيْء بِالْجَهْلِ خير مِنْهُ
وَلَقَد عظمت المحنة على الشَّرْع وَأَهله بِهَذَا الْجِنْس من المقلدة حَتَّى بَطل كثير من الشَّرِيعَة الصَّحِيحَة الَّتِي لَا خلاف بَين الْمُسلمين فِي ثُبُوتهَا لاشتهارها بَين أهل الْعلم ووجودها إِمَّا فِي مُحكم الْكتاب الْعَزِيز أَو فِي مَا صَحَّ من دواوين السّنة المطهرة الَّتِي هِيَ مشتهرة بَين النَّاس اشتهارا على وَجه لَا يخفى على من ينْسب إِلَى الْعلم وَإِن كَانَ قَلِيل الْحَظ فِيهِ
وَسبب ذَلِك أَن هَؤُلَاءِ كَمَا عرفت قد جعلُوا غَايَة مطلبهم وَنِهَايَة مقصدهم
1 / 81