متاجرة وَهُوَ فَاسد الظَّن بَاطِل الِاعْتِقَاد مُسْتَحقّ لسخط الله وعقوبته لِأَنَّهُ أقدم فِي مَحل الإحجام وتحلى بِمَا لَيْسَ لَهُ وَدخل فِي غير مدخله وَوضع جَهله على أشرف الْأُمُور وأعلاها وأوالها بِالْعلمِ والإتقان والتمييز وَكَمَال الْإِدْرَاك
فَهَذَا هُوَ بِمَنْزِلَة القَاضِي الَّذِي لَا يعلم بِالْحَقِّ فَهُوَ فِي النَّار سَوَاء حكم بِالْحَقِّ أَو بِالْبَاطِلِ بل هَذَا الَّذِي أقدم على تصنيف الْكتب وتحرير المجلدات فِي الشَّرِيعَة الإسلامية مَعَ قصوره وَعدم بُلُوغه إِلَى مَا لَا يبد لمن يتَكَلَّم فِي هَذَا الشَّأْن مِنْهُ أَحَق بالنَّار من ذَلِك القَاضِي الْجَاهِل لِأَنَّهُ لم يصب بِجَهْل القَاضِي الْجَاهِل مثل مَا أُصِيب بمصنفات هَذَا المُصَنّف المقصر
وَمن فتح الله عَلَيْهِ من معارفه بِمَا يعرف بِهِ الْحق من الْبَاطِل وَالصَّوَاب من الْخَطَأ لَا يخفى عَلَيْهِ مَا فِي هَذِه المصنفات الكائنة بأيدي النَّاس فِي كل مَذْهَب فَإِنَّهُ يقف من ذَلِك على الْعجب فَفِي بعض الْمذَاهب يرى أَكثر مَا يقف عَلَيْهِ فِي مُصَنف من مصنفات الْفِقْه خلاف الْحق وَفِي بَعْضهَا يجد بعضه صَوَابا وَبَعضه خطأ وَفِي بَعْضهَا يجد الصَّوَاب أَكثر من الْخَطَأ ثمَّ يعثر على مَا يحرره مصنفو تِلْكَ الْكتب من الْأَدِلَّة لتِلْك الْمسَائِل الَّتِي قد دونوها فيجدوا فِي الصَّحِيح وَالْحسن والضعيف والموضوع وَقد جعلهَا المُصَنّف شَيْئا وَاحِدًا وَعمل بهَا جَمِيعًا من غير تَمْيِيز وعارض بَين الصَّحِيح والموضوع وَهُوَ لَا يدْرِي وَرجح الْبَاطِل على الصَّحِيح وَهُوَ لَا يعلم
فَمَا كَانَ أَحَق هَذَا المُصَنّف لَا كثر الله فِي أهل الْعلم من أَمْثَاله بِأَن يُؤْخَذ على يَده وَيُقَال لَهُ اترك مَا لَا يَعْنِيك وَلَا تشتغل بِمَا لَيْسَ من شَأْنك وَلَا تدخل فِيمَا لَا مدْخل لَك فِيهِ
ثمَّ إِذا فَاتَ أهل عصره أَن يَأْخُذُوا على يَده فَلَا يَنْبَغِي أَن يفوت من بعده أَن يَأْخُذُوا على أَيدي النَّاس ويحولوا بَينهم وَبَين هَذَا الْكتاب الَّذِي لَا يفرق مُؤَلفه بَين الْحق وَالْبَاطِل وَلَا يُمَيّز بَين مَا هُوَ من الشَّرِيعَة وَمَا لَيْسَ مِنْهَا فَمَا أوجب هَذَا عَلَيْهِم فَإِن هَذَا المشئوم قد جنى على الشَّرِيعَة وَأَهْلهَا جِنَايَة
1 / 79