ما في هذا الكتاب؛ ولو أن مؤلف حد المنطق بلغ زماننا هذا حتى يسمع دقائق الكلام في الدين والفقه والفرائض والنحو لعدَّ نفسه من البُكْمِ، أو يسمع كلام رسول الله ﷺ وصحابته لأيقن أن للعرب الحكمة وفَصْلَ الخطاب.
فالحمد لله الذي أعاذ الوزير أبا الحسن - أيده الله - من هذه الرذيلة، وأبانه بالفضيلة، وحَبَاه بخيم السلف الصالح، وردَّاه رداء الإيمان، وغشَّاه بنوره، وجعله هُدًى من الضلالات، ومصباحًا في الظلمات، وعرَّفه ما اختلف فيه المختلفون، على سَنَن الكتاب والسُنَّة؛ فقلوب الخيار له مُعْتَلِقةٌ، ونفوسهم إله مائلة، وأيديهم إلى الله فيه مَظانَّ القبول ممتدَّةٌ، وألسنتهم بالدعاء له شافعة: يهجع ويستيقظون، ويغفُل ولا يغفُلون؛ وحُقَّ لمن قام لله مقامه، وصبر على الجهاد صَبْرَهُ، ونوَى فيه نِيَّته، أن يلبسه الله لباس الضمير، ويُرَدِّيه رداء العمل الصالح، ويَصُور إليه مختلفات القلوب، ويُسعده الصدق في الآخرين.
فإني رأيتُ كثيرًا من كُتَّاب أهل زماننا كسائر أهله قد استطابوا الدَّعَة واستوطؤُا مركب العجز، وأعفَوْا أنفسهم من كدِّ النظر وقلوبهم من تعب
1 / 9