تبصر ما في الوالي من الأخلاق التي تحب له والتي تكره ، وما هو عليه من الرأي الذي ترضى له والذي لا ترضى . ثم لا تكابرنه بالتحويل له عما يحب ويكره إلى ما تحب وتكره . فإن هذه رياضة صعبة تحمل على التنائي والقلى .
فإنك قلما تقدر على رد رجل عن طريقة هو عليها بالمكابرة والمناقضة ، وإن لم يكن ممن يتجمح به عز السلطان . ولكنك تقدر على أن تعينه على أحسن رأيه ، وتسدده فيه وتزينه ، وتقويه عليه ، فإذا قويت منه المحاسن كانت هي التي تكفيك المساوئ . وإذا استحكمت منه ناحية من الصواب كان ذلك الصواب هو الذي يبصره مواقع الخطأ بألطف من تبصيرك وأعدل من حكمك في نفسه . فإن الصواب يؤيد بعضه بعضا ويدعو بعضه إلى بعض حتى تستحكم لصاحبه الأشياء ، ويظهر عليها بتحكيم الرأي ، فإذا كانت له مكانة من الأصالة اقتلع ذلك الخطأ كله .
فاحفظ هذا الباب وأحكمه .
لا تسأل السلطان ولا تتدل عليه
Page 45