180

Encyclopédie des Œuvres Complètes de l'Imam Muhammad al-Khidr Husayn

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

Chercheur

علي الرضا الحسيني

Maison d'édition

دار النوادر

Numéro d'édition

الأولى

Année de publication

1431 AH

Lieu d'édition

سوريا

Genres

وبهذا يجمعون إلى تبديل كتاب الله، وأخذِهم به المال الحرام، وافترائهم بأن هذا الذي كتبوه من عند الله، جريمةً أخرى هي الإخبار على وجه الكذب البحت بأنهم لا يقيمون في النار إلا أيامًا معدودة.
﴿قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ﴾:
أمر الله تعالى في هذه الآية نبيه الكريم بأن يرد على اليهود دعواهم الكاذبة؛ إذ زعموا أنهم لا يعذبون إلا أيامًا قليلة، فقال تعالى: ﴿قُلْ أَتَّخَذْتُمْ﴾ والاستفهام في قوله: ﴿أَتَّخَذْتُمْ﴾ للإنكار. والعهد: الوعد. وإخلافه: عدم الإيفاء بالشيء الموعود به. والمعنى: قل يا محمد منكرًا على اليهود ورادًّا عليهم تلك الدعوى المزعومة: أتقدَّمَ لكم من الله وعدٌ بذلك حتى يكون الإيفاء بهذا الوعد متحققًا؟ فإن إخلاف الوعد يجعل الوعد كذبًا، والله تعالى منزه عن أن يقول ما ليس بحق.
والإنكار متوجه إلى زعمهم أن النار لا تمسهم أكثر من أيام معدودة.
﴿أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾:
هذا معطوف على قوله تعالى: ﴿أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا﴾، وكأنه يقول: أيُّ الأمرين واقع: اتخاذكم عند الله عهدًا، أم قولكم على الله ما لا تعلمون؟ والواقع هو أنهم يقولون على الله ما لا يعلمون، لا أنهم اتخذوا عند الله عهدًا، وإنما أخرج الكلام مخرج التردد فيما هو الواقع؛ لما في أسلوب الاستفهام من ظهور القصد إلى تقريرهم بأنهم قالوا على الله ما لا يعلمون؛ فإنهم لا يستطيعون أن يزعموا أن الله وعدهم بما أخبروا به من أن النار لا تمسهم إلا أيامًا معدودة، وليس في أيديهم نص من كتابهم يستندون إليه في هذا الإخبار الذي جاؤوا به في صورة الجزم.

1 / 146