درجات الى ان تبلغ خمس درجات من الحوت قريبة منه فيحترق كل شىء هناك والجيرتان اللتان هما مادتا النيل (a) هما فى هذه البلاد المحترقة وفى هذه المواضع المحترقة البحر الزنجى وهو بحر لا يكون فيه شىء من الحيوان لشدة حرارة مائه وغلظه وذلك لان الشمس اذا طلعت على هذا البحر جذبت اليها بحرارتها الماء الطيف الذى فيه فيغلظ الماء ويملح (b) فتبقى تلك السخونة فيه الليل كله فلهذه العلة يكون ماء البحر غليظا مالحا لا يركبه الناس ولا يكون فيه شىء من الحيوان لشدة الحر فقد استدللنا بما وصفنا ان المواضع التى تبعد الشمس عنها ويشتد بردها او تقرب منها فيشتد حرها انها تفرط فى الحر والبرد فلا يتركب فيها حيوان ولا نبات وان باعتدالهما (c) يكون قوام الطبائع والمطبوع، ولو ان الشمس صارت الى فلك الكواكب الثابتة لفسدت الطبائع والمطبوع ولو انها انحدرت الى فلك القمر لفسدتا ايضا لان فى بعدها وقربها فساد الطبائع والمطبوع، وقد تجد فى نهاية العمارة فى جهة الجنوب خلف معدل النهار المساوى بعدها من معدل النهار فى الجنوب لبعد الجهة التى هى فى ناحية الشمال من معدل النهار حيوانات مختلفة الخلق واختلافا لسكانها من الناس وكذلك فى نبتها فانا نجد الحيوانات العجيبة الخلق كالفيلة وذات القرون فى انفها (d) والطير العظام التى لا يظن طير اعظم منها فقد اتى بعض التجار من (e) البحرين اللذين وراء بلاد الكوسانيين (f) اعنى الزنج ببيض يشبه بيض النعام فلم نر فيما دون معدل النهار مثل هذا الطائر ولا حكى ذلك عن المتقدمين ولا رمى شىء من الفيلة ولا ذات القرون فى الانف (g) فيما دون معدل النهار ولا شىء مما يصف من شاهد تلك البلاد انه يراه فيها من الحيوانات* كان موجودا (h) فى جهة الشمال
Page 100