أجاب: لأني لم أجد جوقنا القديم، وقد بحثت عن كوكليش، فلم أقف له على أثر.
وأنا كيف وجدتني؟
أجاب: بالصدفة والاتفاق، فقد دعاني أحد أصدقائي إلى حضور رواية في المرسح الذي تمثلين فيه فرأيتك، وعرفت منزلك وأتيت. فابتسمت باكيتا وقالت: لقد اجتمعنا والحمد لله فلا نفترق بعد الآن. فهز رأسه وقال: هيهات! فقد أصبحت الآن غنية شهيرة، وأنا خامل معدم، فالتباين بيننا عظيم.
بل إن هذا التباين خير مقرب بيننا، فقد بلغت ما لم تبلغه سواي من الممثلات، وبات راتبي أربعة آلاف فرنك في الشهر، وازدحم على بابي الأغنياء والأمراء، ومع ذلك فإني لا أزال جديرة بخطيبي فيلكس.
فركع أمامها، وجعل يلثم يدها، فقالت له: ولكن لم يحن أوان زواجنا بعد، فإني أريد أن تصير قبل ذلك من مشاهير الحفارين، ثم تجد أسرتك، وتنزع عنك لقب «السيئ البخت».
وقد قاما إلى المائدة، وكانت باكيتا تنظر إليه بملء الحب والحنو، وتسمع نبرات صوته كأنها تسمع أرق الألحان.
وفيما هما على ذلك؛ دخل إليهما شارنسون، وقال: إني أبحث عنك منذ الصباح، ولا أجدك؛ حتى إني حقدت عليك، فإني لم أأكل منذ أمس، وقد كاد يقتلني الجوع. فعرفها فيلكس بصديقه فدعته إلى الطعام، وجلسوا يتحدثون بما مر بهم من الحوادث الجسام، ويرجون أن يكون قد انقضى عهد النحس، وأن يعقبه عهد السعد.
الفصل الرابع عشر
كان في باريس محام مشهور يدعى المسيو نيفلين، نال شهرة واسعة في علم الحقوق على حداثة سنه، ولم يكن يتجاوز الثلاثين من العمر.
وكان فيلكس أو «السيئ البخت» قد اتصلت به شهرة هذا المحامي، فذهب إليه وأخبره بسر مولده وبكل ما عرفه من تاريخ حياته، فدهش المحامي لما سمعه، وقال له: إن حكايتك عجيبة، ولكن مثل هذه الأمور لا بد فيها من البراهين الدامغة، ومع ذلك فلنبحث في أمرك، فقد ولدت في سانت مرتين، أليس كذلك؟
Page inconnue